فإن قيل: أليس أن العبد من أهل مباشرة التصرف الموجب لملك المال وإن لم يكن أهلًا لملك المال فكذلك يجوز أن يكون الكافر مخاطبًا بأداء العبادات وإن لم يكن أهلًا لما هو المقصود بالأداء.
قلنا: صحة ذلك التصرف من المملوك على أن يخلفه المولى في حكمه أو على أن يتقرر الحكم له إذا أعتق كالمكاتب.
فأما هنا فلا يثبت الأداء في حقه على أن يخلفه غيره فيما هو المبتغى بالأداء أو على أن يتقرر له ذلك بعد إيمانه كذا ذكره الإمام شمس الأئمة -رحمه الله- في أصول "الفقه".
وقوله: ولما يكن أهلًا لثواب الآخرة -إلى أن قال-: (ولزمه الإيمان بالله تعالى لما كان أهلًا لأدائه ووجوب حكمه) افترق الحكم في حق الكافر بين وجوب الإيمان وبين وجوب الشرائع حيث لم تجب الشرائع وهي الصلاة والزكاة وغيرهما عليه ووجب الإيمان عليه لإختلاف حكميهما على ما ذكر في الكتاب وهذا لأنا لو قلنا بوجوب الإيمان على الكافر لا يلزم الفساد الذي لزم فيما قلنا بوجوب العبادات لأنه يكون مؤمنًا عند وجود الإيمان منه والمؤمن أهل لثواب الآخرة بخلاف أداء الشرائع فإنه لا يخاطب به لما ذكر في الكتاب من لزوم القول حينئذ بوجوب الإيمان بطريق الاقتضاء وهو رأس