للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطلوبًا من جميع الوجوه؛ لأنه لا قصور في ولاية المتكلم ولا في العبارة. أو نقول: إن صيغة الأمر لا تخلو إما أن تكون حقيقة فيهما لا جائز أن تكون حقيقة في الندب مجازًا في الإيجاب؛ لأن ذلك يؤدي إلي تصويب قول من يقول: إن الله تعالى لم يأمر بالإيمان ولا بالصلاة، وهو باطل؛ لأنهما مفروضان لا مندوبان، والمفروض غير المندوب، فكان استعمالها في غير موضوعها مجازًا لا محالة، فبقي الوجهان الآخران، فالحمل علي الإيجاب في كل واحد منهما أولي.

أما إذا كانت الصيغة حقيقة في الإيجاب فلكون الصيغة معمولة في حقيقتها.

وأما إذا كانت حقيقة فيهما جمعا كان الحمل علي الإيجاب أولي أيضًا لتضمن الإيجاب الندب وبل زيادةً بخلاف العكس، وما قالوه من أن الحمل علي أقل الأمرين عمل بالتيقن باطل بلفظ العام، فإنه يتناول الثلاثة فما فوق ذلك ثم عند الطلاق لا يحمل علي المتيقن وهو الأقل، وإنما يجمل علي الجنس لتكثير الفائدة به فكذلك صيغة الأمر، ولو لم يكن في القول بما قالوا إلا ترك الأخذ بالاحتياط لكان ذلك كافيا في وجوب المصير إلي ما قلنا، فإن المندوب يستحق بفعله الثواب ولا يستحق بتركه العقاب، والواجب يستحق بفعله الثواب وبتركه العقاب، فالقول بأن مقتضي مطلق الأمر الإيجاب فيه معني الاحتياط من كل وجه، فكان هو أولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>