نقول: الله تعالى خالق العالم في الأزل؛ لأن ذلك يؤدي علي قدم العالم، بل نقول: الله تعالى خالق في الأزل من غير إضافة، الله تعالى خالق في الأل من غير إضافة، وفي الإضافة لابد من وجود العلقة بينهما، فكذا فيما نحن فيه، نقول: الله تعالى في الأزل آمر ناه، ولا نقول: في الأزل آمر يد وناهيه؛ لأنه لم يكن زيد فيه، وإنما نقول: آمر زيدًا إذا اتصل أثر الأمر بزيد، وإذا ثبت هذا فنقول: كلامنا في الأوامر المضاف إلي المأمورين؛ لأنا نتكلم في الأوامر إلا والمأمور به موجود؛ لأنه متعد لازمه ائتمر، لكن لو قلناه علي وفاق ما ذكرناه من الفعل المتعدي ومطاوعه يلزم الجبر ويذهب الاستبعاد والاختيار، فالجبر منتف بالضرورة، والاستبعاد واقع بالعلم القطعي، والاختبار لنا ثابت ضرورة، ولما كان كذلك أقيم الوجوب علينا مقام وجود المأمور به؛ لئلا يلزم الجبر ويتعطل الفعل المتعدي المضاف إلينا، فقضيته الأمر لغة أن يثبت إلا بالامتثال؛ لأن الامتثال وهو الائتمار لازم الأمر كالانكسار لازم الكسر فكما لا وجود للكسر بدون الانكسار فكذلك لا وجود للأمر بدون الائتمار لغة.
فإن قلت: لا نسلم أن الائتمار لازم الأمر خاصة كالانكسار للكسر، بل له لازم آخر وهو العصيان.
ألا تري أنه كما يصح أن يقال: أمرته فائتمر، كذلك يصح أن يقال: أمرته فعصى. علم بهذا أن الائتمار ليس نظير الانكسار لغة في خصوصية اللزوم.