إنما يحصل إذا توقف علي الوجه الذي نهي عنه لا علي خلافه. بيان ذلك أن أحدا لو لم يأكل الربا لكن اعتقد إباحته صار كافرا وإن امتنع عن أكله لما انه لم ينته علي الوجه الذي نهاه الشارع، فإن هذا النهي يقتضي وجوب الانتهاء فعلا واعتقادًا وهو لم ينته كذلك.
فعلم بهذا أنه لم يحصل المقصود بالتوقف في النهي أيضًا كما لا يحصل بالتوقف في الأمر.
فإن قلت: لو ثبت في الأمر والنهي صيرورة حكمهما واحدا بسبب اتحاد التوقف لوجب أن يكون صيرورة حكمهما واحدا أيضًا بسبب اتحاد الوجوب؛ لأنا أجمعنا واتفقنا علي أن حكم كل واحد منهما الوجوب غير أن في الأمر وجوب الائتمار وفي النهي وجوب الانتهاء، وبهذا لا يقع الفرق؛ لأن مثل هذا أيضًا موجود في التوقف؛ لأن التوقف في الأمر توقف الائتمار وفي النهي توقف الانتهاء؟
قلت: ليس كذلك؛ لأنا نقول في الأمر وجوب الائتمار الذي هو مقتض وجود الفعل، وفي النهي وجوب الانتهاء الذي هو مقتض عدم الفعل، فكيف يكون المقتضي للوجود مع المقتضي للعدم بابا واحدًا وهما علي طرفي نقيض.
وأما التوقف الذي قلت فهو عبارة عن عدم الفعل فهو شامل للتوقف في الائتمار وفي الانتهاء، فكان التوقف فيهما جميعًا شيئًا واحدا، فصح قوله:"فيصير حكمهما واحدا".