للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استخفاف الدين الحق كفر.

(فصار مرتدّا بعينه) أي بعين ما تلفظ من لفظ الكفر، (إلا أن أثرهما سواء) أي الكفر الحاصل بعين الهزل والكفر الحاصل بمعنى ما هزل به وهو اعتقاد الصنم إلهًا مًثًلًا سواء؛ لأن كلًا منهما ردة؛ وإنما قال هذا لجواب شبهة ترد على قوله: ((لكن بعين الهزل)) وهى أن يقال: إن الهازل غير راض بموجب هذا الكلام فينبغى أن لا يكفر كما فى المكَره حيث لا يكفَر بتلفّظ ما أُكره عليه من كلمة الكفر.

فقال فى جوابها: إنما يكفر بعين الهزل لا بما هزل به؛ لان أثرهما سواء بخلاف المكَره على الردة؛ لأن الإكراه إنما يتحقق على إجراء كلمة الكفر على اللسان وهو غير راض بإجراء كلمة الكفر فلم يكفر لعدم الرضى لا للفظ ولا لموجبه بخلاف الهازل؛ لأنه راض بإجراء هذه الكلمة وإجراء هذه الكلمة بالرضا استخفاف بالدن الحق واسخفافه كفر لما ذكرنا من قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} الآية.

ولا يقال إن الهازل لا يعتقد الكفر والكفر والإيمان من باب الاعتقاد فكيف يكفر من غير تبدل الاعتقاد من الإيمان إلى الكفر؛ لأنا نقول: قد تبدل اعتقاده من الإيمان إلى الكفر؛ لأن من الاعتقاد الواجب عليه أن لا يعتقد الاستخفاف بالله ولا يرضى به، ولما كان راضيًا بالتكلم بالكلام الذى يوجب

<<  <  ج: ص:  >  >>