للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دليل الاختيار حيث علم المكروهين عليه فاختار أهونهما عليه، ولو لم يكن مختارا لما قيل إنه وافق أمر الأمراء.

ألا ترى أنه لو قال للماء الجاري: أجر فجرى لا يقال: بأن الماء وافق أمره؛ لأنه لا معرفة للماء بأمر الآمر ولا خبرة له بالشر ولا بأهونه.

(إلا بدليل غيره على مثال فعل الطائع) أراد به أن لفعل الطائع موجبا أصليا، وإذا قارنه دليل مغير عن موجبه الأصلي غيره عنه فكذلك في حق المكره لأقواله وأفعاله موجب أصلي، فإذا قارنها ما يغيرها عن موجبها الأصلي غيرها عنه، فإن موجب إجراء كلمة الكفر على اللسان الكفر ولما أجرى المكره تلك الكلمة الشنعاء على لسانه بالإكراه لم يثبت موجبها الذي هو الكفر لقران دليل غيرها عن موجبها الأصلي بها وهو الإكراه.

كما يغير الدليل المغير إذا قارن قول الطائع في مسألة الشرط والاستثناء في قوله لامرأته: أنت طالق إن دخلت الدار، وإقراره بغيره بقوله: لك علي ألف درهم إلا مائة.

وكذلك في الأفعال؛ فإن موجب شرب الخمر وموجب الزنا الحد فإذا فعلهما بالإكراه بالقتل لم يثبت موجبها الذي هو الحد لقرن الدليل الذي غيره عن موجبه كما يثبت ذلك التغير في حق فعل الطائع عند قران الدليل المغير بفعله، وهو ما إذا شرب الخمر أو زنا -والعياذ بالله- في دار الحرب لا يجب الحد لقران المغير ذلك الفعل عن موجبه وهو وجود فعل طائع فيهما في دار الحرب.

(وإنما أثر الكره إذا تكامل في تبديل النسبة) المراد من تكامل الإكراه

<<  <  ج: ص:  >  >>