فإن قلت: ما وجه الفرق له بين من نوى صوم النفل في شهر رمضان وبين من نوى حج النفل هاهنا، فهناك يلغو نيته ولا يجوز صومه لا عن الفرض ولا عن النفل، وهاهنا يقع عن الفرض ولا يقع عن النفل.
قلتك أما إلغاء نية النفل هاهنا، فبسبب ما ذكر في الكتاب هو معنى الحجر عن نية النفل؛ لأنه لم تحمل المشاق وحضر موضع الوقوف بعرفات، ونوى النفل مع أن عليه حج الإسلام في ذمته ولا يعلم حياته إلى السنة الآتية كان سفيهًا؛ لترك الشفقة على نفسه والسفيه يحجر عنده، فلما لغا نية النفل بسبب الحجر بقي مطلق نية الحج، وبمطلق النية يتأدى الفرض بالإجماع.
أو نقول: إنما ألغيت نية النفل؛ لأن النفل عبارة عن الزيادة في العبادة ولا يتصور ذلك قبل الأصل، فإذا لغت نية النفل بقي مطلق نية الحج وبه يتأدى الفرض، وهذا لأن بإلغاء نية النفل لا ينعدم أصل نية الحج؛ لان الصفة تنفصل عن الأصل في هذه العبادة.
ألا ترى أن بانعدام صفة الصحة لا ينعدم أصل الإحرام، فإن من فسد حجه يمضي في أفعاله كمن لم يفسد حجه.
أما الصوم فإن الصفة هناك لا تنفصل عن الأصل.
ألا ترى أنه بانعدام صفة الصحة ينعدم أصل الصوم، فلذلك لما بطلت هناك نية النفل وهو الوصف الأصلي بطل أصل الصوم، ولأن نية النفل لما