للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى آخره.

بيان هذا أن الله تعالى جعل الدنيا دار ابتلاء وجعل الآخرة دار جزاء، وخلق الجنة والنار، وخلق للنار فريقًا، وخلق للجنة فريقًا، وقال: {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} وقد كان علم بكل ما يوجد من العباد، فأمر العباد بأفعال ونهاهم عن أفعال تحقيقًا لما أخبر وما علم منهم ليجب عليهم الائتمار بما أمروا، ويجب عليهم الانتهاء عما نهوا عنه.

حتى أن من أطاع استحق الجنة بفضله، ومن عصى استحق النار بعدله، وإنما تتحقق الطاعة والعصيان إذا كانت أفعالهم اختيارية؛ لأن العقاب على ما لا مدخل للعبد فيه لا يجوز، فإذا امتنعوا عن تحصيل ما نهوا عنه صاروا مطيعين، وذلك إنما يكون إذا كان المنهي عنه مما يتصور أن يوجد، فإذا امتنعوا بقي الفعل على العدم بناء على امتناعه، ثم إن كان المنهي عنه حسيًا يتصور وجوده حسًا، وإن كان شرعيًا يتصور وجوده شرعًا. ليتصور الامتناع عن العبد ليبقى المنهي عنه على العدم بناء على امتناعه، وهذا هو حقيقة موجب النهي.

وأما النسخ فبيان أن المنسوخ لم يبق مشروعًا ولا يتصور وجوده شرعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>