للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناهي إذا كان حكيمًا لا ينهى عن شيء إلا إذا كان في ذلك الشيء قبح، فوجب إثبات القبح على وجه يبقى النهي ببقائه وذلك إنما يكون إذا كان القبح في وصف المشروع لا في عينه. إذ لو كان في عينه لا يبقى وجود المنهي عنه؛ لأن وجوده شرعيته، فحينئذ لا يبقى النهي نهيًا بل يكون نسخًا، وهو معنى قوله: (فلا يجوز تحقيقه على وجه يبطل به ما أوجبه).

وقوله: تحقيقًا لحكمه (أي لحكم النهي وهو وجوب الانتهاء، فكان تابعًا أي فكان القبح تابعًا، فلا يجوز أي تحقيق القبح على وجه يبطل بذلك تحقيق ما أوجب النهي واقتضاه.

(فيصير المقتضى دليلًا على الفساد بعد أن كان دليلًا على الصحة) أي فيصير حينئذ أي حين تحقيق القبح على وجه يبطل به النهي دليلًا على فساد النهي بعد أن كان دليلًا على صحة النهي؛ لأنه لما كان مقتضيًا للنهي على الوجه الذي قررنا كان دليلًا على صحة النهي، ثم لو قلنا بأن القبح في عين المنهي عنه كان النهي نسخًا ولم يبق النهي نهيًا، فكان تحقيق القبح على ذلك الوجه دليلًا على فساد النهي وهو المقتضي.

(بل يجب العمل بالأصل في موضعه) أي بل يجب العمل بأصل النهي في موضع النهي، وهو أن يكون عدم الفعل بناء على امتناع العبد لا بناء على

<<  <  ج: ص:  >  >>