للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلم بهذا أن النهي عن هذه الجملة كان نهيًا لمعنى في غير المنهي عنه من كل وجه، وبذلك لا يمتنع تحقق الفعل مشروعًا، فلا يمتنع تحقق الفعل سببًا للرخصة بخلاف السكر، فإنه عصيان بعينه فلم يصح أن تتعلق الرخصة بأثره.

(ولا يلزم على هذا النهي عن الأفعال الحسية) أي ولا يلزم على ما ذكرنا من أن النهي عن الأفعال الشرعية يقتضي المشروعية في المنهي عنه النهي عن الأفعال الحسية؛ حيث لا مشروعية في المنهي عنه أصلًا بل هو قبيح لعينه؛ (لأن القول بكمال القبح فيها وهو مقتضى مع كمال المقصود) وهو بقاء النهي نهيًا ممكن، أو أن المقصود من النهي هو الابتلاء، ويشترط في ذلك أن يكون العبد قادرًا على تحصيل ما نهي عنه ليكون مبتلى بين أن يكف عنه باختياره ليثاب عليه وبين أن يفعله ليعاقب، وهذا ممكن مع ثبوت القبح بكماله في الأفعال الحسية.

ألا ترى أن أقبح القبائح الكفر وهو مقدور للعبد، فثبت أن النهي يتصور فيها مع ثبوت القبح لمعنى في عين المنهي عنه؛ لأن وجوده ليس من الشرع حتى ينعدم بانعدام المشروعية، فوجب القول بكمال القبح فيها وهو الأصل.

فأما الأفعال الشرعية فلا يمكن القول بكمال القبح فيها مع بقاء النهي عنها، فلذلك وجب القول فيها على وجه لا يبطل النهي على ما بينا ليبقى مقدورًا للعبد.

<<  <  ج: ص:  >  >>