فعلم أن النسخ لا بكونه عامًا ولا بكونه خاصًا ولا بكونه محرما ولا بكونه مبيحًا بل بكونه متأخرًا مساويًا للأول في الرتبة، ولكن لما كان عامًا ناسخًا للخاص المتقدم علم به أن العام مساو للخاص في القوة، فكان فيه رد لقول الشافعي حيث لا يجعله مساويًا للخاص في القوة.
فإن قيل: إنما يثبت ما ادعيتم إذا كان العام متأخرًا، ويجوز أنه كان متقدمًا على حديث العرنيين.
قلنا: لا كذلك، بل ثبت تأخره وتقدم الخاص بالدليل، وهو أن المثلة قد نسخت بالاتفاق، وهي في حديث العرنيين، فدل الدليل على تقدم ذلك الحديث؛ لأنه كان في ابتداء الإسلام ولم يدل الدليل على تقدم الحديث العام بل فيه مجرد احتمال، والاحتمال إذا لم ينشأ عن دليل لا يكون معتبرًا.