فإن قلت: إذا لم يثبت موجب حقيقة كلامه وهو البنتية باعتبار تكذيب القاضي فلم لم يثبت لازمة تلك الحقيقة وهي الحرمة المؤبدة كما ثبت ذلك في قوله: وهو أكبر سنا منه عند أبي حنيفة- رضي الله عنه- فإنه لما لم يثبت موجب حقيقة كلامه وهو النسب ثبت لازمه وهو الحرية، وكما قالوا جميعا في الأصغر سنا منه إذا اشتهر نسبه من الغير، وقال له: هذا ابني، يعتق بالاتفاق ولم يثبت نسبه باعتبار اشتهار نسبه من الغير ويثبت لازمه وهو الحرية؟
قلت: لا وجه لذلك هاهنا؛ لأن في حكم الحرمة ها هنا بهذا الطريق إقرارا بها على المرأة لا على نفسه؛ لأن ملك الحل واقع عليها، ولو أثبتنا لازم حكم الإقرار ها هنا كان هو واقعا عليها؛ لأن العين هي التي يتصف بالحرمة، وهو مكذب شرعا في إقراره على غيره، وهذا لأن المرأة حرة مالكة على نفسها، فلم يصح إقرار الغير عليها بخلاف العبد، فإنه ليس بمستبد بنفسه وهو في حق الملك بمنزلة سائر الجمادات المملوكة، والإقرار ببطلان الملك فيها إقرار على نفسه فصح، ولأن الفرقة الصادرة من جانب الزوج إنما تثبت شرعا بالطلاق أو بالمستعار عن الطلاق الذي يعمل عمل الطلاق، والطلاق يستدعي سابقة النكاح، والبنتية مانعة للنكاح فكيف تكون البنتية موجبة للذي هو يثبت بالنكاح، وهو الفرقة الصادرة من جانب الزوج شرع بناء على صحة النكاح؟ يوضحه أن المجاز يقرر حكم الحقيقة فيما هو فيه، وحكم الحقيقة ها هنا انتفاء المحلية والحرمة المصمتة الباتة التي لا تنكشف أصلا، ومثل هذه الحرمة لا تثبت