البتة، وقد ارتكبوا هذا المحال بناء على أصولهم الفاسدة لئلا ينتقض عليهم أصولهم، وقد خرقوا فيه الإجماع لما أن العقلاء أجمعوا على تقسيم الأعيان إلى حسن وقبيح.
وقال محمد - رحمه الله- وهو موثوق به في اللغة: رجل اشترى جارية فوجدها قبيحة ولم ينكر أحد عليه لقوله: هذا وهم لم يبالوا بخرق الإجماع في هذا، فلذلك قالوا: إن التحريم إذا أضيف إلى عين يكون مجازا؛ لأن التحريم يقتضي قبح المحرم كالأمر يقتضي حسن المأمور به ولا قبح في العين عندهم، فكان التحريم مضافا إلى حقيقة الفعل الذي هو قبيح، وعندنا لما جاز أن يكون في الأعيان قبح جاز أن يكون العين محرما لكونه قبيحا؛ لأن المنع نوعان: منع الشيء عن العبد، ومنع العبد عن الشيء، فعلى الأولى كان بمنزلة النسخ، وعلى الثاني كان بمنزلة النهي؛ لأن الحكم في الأول امتناع فعل العبد بناء على كون المحل ممنوعا عنه كما قلنا في النسخ، وذلك في تحريم العين حتى لم يبق محلا للتصرف الشرعي أصلا كالخمر لم يبق محلا للشرب أصلا، وكالأم لم تبق محلا للنكاح أصلا بل كانت هي بمنزلة الصخر في حق انفعال النكاح في حقها، كما أن الصخر لا ينفعل النكاح فيه، فكذلك الأم لا ينفعل