للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما كان كذلك (والقدوم اسم لفعل موجود) لم يقع لذلك يمينه على الكذب.

فإن قيل: يشكل هذا قول من قال لامرأته: إن كنت تحبيني بقلبك فأنت طالق، فقالت: أحب. طلقت وإن كانت كاذبة فيما أخبرت على قولهما خلافا لمحمد.

قلنا: إنما وقع ذلك على الإخبار فحسب؛ لأن الإطلاع على ما في القلب غير ممكن على العباد، فجعل اللسان خلفا عن القلب، فطلقت لوجود ما هو خلف عن القلب لا باعتبار أنه صادق أو كاذب، والأصل أن الشيء إذا قام مقام شيء آخر لتعذر الوقوف على ذلك الشيء الآخر، فالملتفت إليه هو الظاهر القائم مقام غيره لا معرفة حقيقة ذلك الغير، بخلاف القدوم فإنه أمر محسوس معاين ولم يتعذر الوقوف عليه، فلذلك اشترط الخبر الملصق بالقدوم الموجود وذلك بالصدق، ومفعول الخبر كلام لا فعل فصار كأنه قال: إن تكلمت بقدوم فلان، فصار المفعول التكلم بقدومه وقد وجد.

(وذلك دليل الوجود) أي الإخبار دليل الوجود (لا موجب له)؛ لأن الخبر دليل والمدلول غير ثابت به

<<  <  ج: ص:  >  >>