الطاعُونُ والأَوْجَاعُ التي لَم تَكُنْ مَضَت في أَسْلاَفِهِم" (١).
ويمكن القول بأنَّ علماء المسلمين أَوْلَوا اهتمامًا كبيرًا بالحديث عن مرض الطَّاعون، وتفصيل الكلام عنه سواء كان ذلك ضمن شروحهم على كتب الحديث والسنن، أو بالتصنيف المستقل فيه؛ بل إنَّ النصوص التي وصلتنا من تراثنا الإِسلامي عن الطَّاعون في كلام الفقهاء والمحدِّثين تَفُوقُ نُصُوصَ الأطبَّاء المتقدِّمين عنه؛ إذ لا نجد عند هؤلاء سِوَى إِشَارَاتٍ مُتَوَاضِعَة لا تُقَاسُ بِتَفْصيل العلماء من أهل الفقه والحديث إطلاقًا.
وهكذا نجد أنَّ الإِمام البخاري قد عَقَد تحت كتاب الطب بابين في الكلام عن الطاعون، وبَوَّبَ الإِمام مسلم في صحيحه بابًا مُستَقِلًا، وكذا باقي كتب السنَّة النبويَّة، ويأتي بجانب ذلك كله مصنفات العلماء المستقلة عن الطَّاعون، والتي لا يزال تراثنا المجيد يزخر بنصيب وافر منها.
ويُعَد "كتاب الطواعين" لابن أبي الدنيا (٢٨١ هـ) أَوَّلَ مُصَنَّفِ عن الطَّاعون، اعتمد عليه جَمْعٌ مِن الحفَّاظ الذين ألفوا بعده في هذا الموضوع كالحافظ ابن حجر، والسيوطي، وفقيهنا مرعي الكرمي، ثم توالت بعد ذلك المصنَّفات إلى غاية القرن الرابع عشر الهجري.
وفي محاولة لإِحصاء هذه المصنَّفات بلغت قرابة سبعين كتابًا في
(١) رواه ابن ماجه في السنن ح (٤٠١٩)، والدَّاني في السنن الواردة في الفتن ح (٣٢٦)، وإسناده صحيح.