للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَزَعَمْتَ أَنه لَيْسَ كَالَّذِي هُوَ مِثْلُهُ شَيْءٌ، فَيَفْسُدُ هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحدهما مَا فِيهِ مِنْ إِثْبَاتِ الْمِثْلِ لِمَنْ لَا مِثْلَ لَهُ عَزَّ وَعَلَا عُلُوًّا كَبِيرًا، وَالْآخَرُ أَن الشَّيْءَ إِذَا أَثبَتَّ لَهُ مِثْلًا فَهُوَ مِثل مِثْلِهِ لأَن الشَّيْءَ إِذَا مَاثَلَهُ شَيْءٌ فَهُوَ أَيضاً مُماثل لِمَا مَاثَلَهُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ عَلَى فَسَادِ اعْتِقَادِ مُعْتَقِدِهِ لَمَا جَازَ أَن يُقَالَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، لأَنه تَعَالَى مِثلُ مِثله وَهُوَ شَيْءٌ لأَنه تَبَارَكَ اسْمُهُ قَدْ سَمَّى نَفْسَهُ شَيْئًا بِقَوْلِهِ: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ؛ وَذَلِكَ أَن أَيّاً إِذَا كَانَتِ اسْتِفْهَامًا لَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَوَابُهَا إِلَّا مِنْ جِنْسِ مَا أُضيفت إِلَيْهِ، أَلا تَرَى أَنك لَوْ قَالَ لَكَ قَائِلٌ أيُّ الطَّعَامِ أَحب إِلَيْكَ لَمْ يَجُزْ أَن تَقُولَ لَهُ الرُّكُوبَ وَلَا الْمَشْيَ وَلَا غَيْرَهُ مِمَّا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الطَّعَامِ؟ فَهَذَا كُلُّهُ يُؤَكِّدُ عِنْدَكَ أَن الكَافَ فِي كَمِثْلِهِ لَا بدَّ أَن تَكُونَ زَائِدَةً؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ:

لَواحِقُ الأَقْرابِ فِيهَا كالمَقَقْ

والمَقَقُ: الطُّول، وَلَا يُقَالُ فِي هَذَا الشَّيْءِ كَالطُّولِ إِنَّمَا يُقَالُ فِي هَذَا الشَّيْءِ طُولٌ، فكأَنه قَالَ فِيهَا مَقَق أَي طُولٌ، وَقَدْ تَكُونُ الكَاف زَائِدَةً فِي نَحْوِ ذَلِكَ وَذَاكَ وتِيك وَتِلْكَ وأُولئك، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ لَيْسَكَ زَيْدًا أَي لَيْسَ زَيْدًا والكَاف لِتَوْكِيدِ الْخِطَابِ، وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ إِذَا قِيلَ لأَحدهم كَيْفَ أَصبحت أَن يَقُولَ كخيرٍ، وَالْمَعْنَى عَلَى خَيْرٍ، قَالَ الأَخفش: فَالْكَافُ فِي مَعْنَى عَلَى؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَقَدْ يَجُوزُ أَن تَكُونَ فِي مَعْنَى الْبَاءِ أَي بِخَيْرٍ، قَالَ الأَخفش وَنَحْوٌ مِنْهُ قَوْلُهُمْ: كَنَ كَمَا أَنت. الْجَوْهَرِيُّ الكَافُ حَرْفُ جَرٍّ وَهِيَ لِلتَّشْبِيهِ؛ قَالَ: وَقَدْ تَقَعُ مَوْقِعَ اسْمٍ فَيَدْخُلُ عَلَيْهَا حَرْفُ الْجَرِّ كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ فَرَسًا:

ورُحْنا بِكَابْنِ الْمَاءِ يُجْنَبُ وسْطَنا، ... تَصَوَّبُ فِيهِ العَيْنُ طَوراً وتَرْتَقي

قَالَ:؛ وَقَدْ تَكُونُ ضَمِيرًا للمُخاطب الْمَجْرُورِ وَالْمَنْصُوبِ كَقَوْلِكَ غُلَامُكَ وضَربك، وَتَكُونُ لِلْخِطَابِ وَلَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الإِعراب كَقَوْلِكَ ذَلِكَ وَتِلْكَ وأُولئك ورُوَيْدَك، لأَنها لَيْسَتْ بِاسْمٍ هَاهُنَا وَإِنَّمَا هِيَ لِلْخِطَابِ فَقَطْ تُفْتَحُ لِلْمُذَكَّرِ وَتُكْسَرُ لِلْمُؤَنَّثِ. وكوَّفَ الكَافَ: عَمِلها. وكوَّفْتُ كَافاً حَسَنًا أَي كَتَبْتُ كَافًا. وَيُقَالُ: لَيْسَتْ عَلَيْهِ تُوفة وَلَا كُوفَةً، وَهُوَ مِثْلُ المَزْرِيةِ. وَقَدْ تافَ وكَافَ. والكُوَيْفَةُ: مَوْضِعٌ يُقَالُ لَهُ كُوَيْفَة عَمْرٍو، وَهُوَ عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ مِنَ الأَزْد كَانَ أَبْرويز لَمَّا انْهَزَمَ مِنْ بَهرام جُور نَزَلَ بِهِ فَقَرَاهُ وَحَمَلَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مُلْكِهِ أَقطعه ذلك الموضع.

كيف: كَيَّفَ الأَدِيمَ: قَطَّعه، والكِيفَةُ: القِطْعة مِنْهُ؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَيُقَالُ للخِرْقة الَّتِي يُرْقَع بِهَا ذَيْل الْقَمِيصِ القُدَّامُ: كِيفَة، وَالَّذِي يُرَقَّعُ بِهَا ذَيْلُ الْقَمِيصِ الخَلفُ: حيفةٌ. وكَيْفَ: اسْمٌ مَعْنَاهُ الِاسْتِفْهَامُ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَإِنْ ذكِّرت جَازَ، فأَما قَوْلُهُمْ: كَيَّفَ الشيءَ فَكَلَامٌ مُوَلَّدٌ. الأَزهري: كَيْفَ حَرْفُ أَداة ونصْبُ الْفَاءِ فِرَارًا بِهِ مِنَ الْيَاءِ السَّاكِنَةِ فِيهَا لِئَلَّا يَلْتَقِيَ سَاكِنَانِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً

«٧»: تأَويل كَيْفَ اسْتِفْهَامٌ فِي مَعْنَى التَّعَجُّبِ، وَهَذَا التَّعَجُّبُ إِنَّمَا هُوَ لِلْخَلْقِ وَالْمُؤْمِنِينَ أَي اعجَبوا مِنْ هَؤُلَاءِ كَيْفَ يَكْفُرُونَ وَقَدْ ثَبَتَتْ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ فِي مَصْدَرِ كَيْفَ: الكَيْفِيَّة. الْجَوْهَرِيُّ: كَيْفَ اسْمٌ مُبْهَمٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ وَإِنَّمَا حُرِّكَ آخِرُهُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَبُنِي على الفتح


(٧). الآية

<<  <  ج: ص:  >  >>