للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّأَوُّهِ، وَهُوَ التَّوَجُّعُ. يُقَالُ: تأَوَّهْتُ آهَةً، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي الدُّعَاءِ آهَةً وأَمِيهَةً، وَتَفْسِيرُهُمَا مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والهَوْهاءةُ والهَوْهاءُ: الْبِئْرُ الَّتِي لَا مُتَعَلَّقَ بِهَا وَلَا مَوْضِعَ لرِجْلِ نازِلها لبُعْدِ جالَيْها؛ قَالَ:

بهُوَّة هَوْهاءةِ التَّرَجُّلِ

وَرَجُلٌ هَوْهاءٌ وهَوْهاءةٌ وهَوْهاةٌ: ضَعِيفُ الْفُؤَادِ جَبَانٌ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحَكَى ابْنُ السِّكِّيتِ هوَاهِيةً أَيضاً لِلْجَبَانِ. وَرَجُلٌ هُوهَةٌ، بِالضَّمِّ، أَي جَبَانٌ. وَفِي حَدِيثِ

عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: كنتَ الهَوْهاةَ الهُمَزَةَ

؛ الهَوْهاةُ: الأَحمق. أَبو عُبَيْدٍ: المَوْماةُ والهَوْهاةُ وَاحِدٌ، وَالْجَمْعُ المَوَامي والهَياهي. وتَهَوَّهَ الرجلُ: تفَجَّعَ. والهَواهي: ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ، وَاحِدَتُهَا هَوْهاةٌ. وَيُقَالُ: إِنَّ النَّاقَةَ لَتَسِير هَواهِيَ مِنَ السَّيْرِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

تَغالَتْ يَدَاهَا بالنَّجاءِ وتَنْتهِي ... هَواهِيَ مِنْ سَيرٍ، وعُرْضَتُها الصَّبرُ

ابْنُ السِّكِّيتِ: رَجُلٌ هَواهِيَةٌ وهَوْهاءةٌ إِذَا كَانَ منْخُوبَ الْفُؤَادِ، وأَصل الْهَوْهَاءَةِ الْبِئْرُ لَا مُتعلَّقَ بِهَا، كَمَا تقدم. ويقال: جَاءَ فُلَانٌ بالهَواهِي أَي بِالتَّخَالِيطِ والأَباطيل. والهَواهِي: اللَّغْوُ مِنَ الْقَوْلِ والأَباطيل؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:

وَفِي كُلِّ يومٍ يَدْعُوانِ أَطِبَّةً ... إليَّ، وَمَا يُجْدُونَ إِلَّا هَوَاهِيا

وسمعتُ هَواهِيَةَ القومِ: وَهُوَ مِثْلُ عَزِيف الجِنِّ وَمَا أَشبهه. وَرَجُلٌ هُوهٌ: كهَوْهاءةٍ. وهُوهْ: اسْمٌ لقارَبْتَ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ عِنْدَ التَّوَجُّعِ والتَّلَهُّفِ: هاهْ وهاهِيه؛ وأَنشد الأَصمعي:

قَالَ الغَوَاني: قَدْ زَهاهُ كِبَرُهْ، ... وقُلْنَ: يَا عَمِّ فَمَا أُغَيِّرُهْ،

وقلتُ: هاهٍ لحديثٍ أُكْثِرُهْ

الْهَاءُ فِي أُكْثِرُهُ لِهاهٍ. وَفِي حَدِيثِ عَذَابِ الْقَبْرِ:

هاهْ هاهْ.

قَالَ: هَذِهِ كَلِمَةٌ تُقَالُ فِي الإِيعاد وَفِي حِكَايَةِ الضَّحِكِ، وَقَدْ تُقَالُ لِلتَّوَجُّعِ، فَتَكُونُ الْهَاءُ الأُولى مُبْدَلَةً مِنْ هَمْزَةِ آهْ، وَهُوَ الأَليق بِمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ. يُقَالُ: تأَوَّهَ وتَهَوَّهَ آهَةً وهاهةً.

هيه: هِيهِ وهِيهَ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ: «١». فِي مَوْضِعِ إيهِ وإيهَ. وَفِي حَدِيثِ

أُميَّةَ وأَبي سفيانَ قَالَ: يَا صَخْرُ هِيهٍ، فَقُلْتُ: هِيْهاً

؛ هِيهٍ: بِمَعْنَى إيهٍ فأَبدل مِنَ الْهَمْزَةِ هَاءً، وإيهٍ اسْمٌ سُمِّيَ بِهِ الْفِعْلُ، وَمَعْنَاهُ الأَمر، تَقُولُ لِلرَّجُلِ إيهِ، بِغَيْرِ تَنْوِينٍ، إِذَا اسْتَزَدْتَهُ مِنَ الْحَدِيثِ الْمَعْهُودِ بَيْنَكُمَا، فَإِنْ نوَّنْتَ استزدتَهُ مِنْ حديثٍ مَّا غَيْرِ مَعْهُودٍ، لأَن التَّنْوِينَ لِلتَّنْكِيرِ، فَإِذَا سكَّنْتَهُ وَكَفَفْتَهُ قُلْتَ إِيهًا، بِالنَّصْبِ، فَالْمَعْنَى أَن أُميَّةَ قَالَ لَهُ: زِدْني مِنْ حَدِيثِكَ، فَقَالَ لَهُ أَبو سُفْيَانَ: كُفَّ عَنْ ذَلِكَ. ابْنُ سِيدَهْ: إيهٍ كَلِمَةُ اسْتِزَادَةٍ لِلْكَلَامِ، وهاهْ كَلِمَةُ وعيدٍ، وَهِيَ أَيضاً حكايةُ الضَّحِكِ والنَّوْحِ.

وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العُطاسَ ويَكْرَهُ التَّثاؤُبَ، فَإِذَا تَثاءَبَ أَحدُكم فلْيَرُدَّه مَا اسْتَطَاعَ وَلَا يقولَنَّ هاهْ هاهْ، فإنما ذلِكُمُ الشيطانُ يضحكُ مِنْهُ.

وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الْعُلَمَاءَ الأَتقياء فَقَالَ: أُولئك أَولياءُ اللهِ مِنْ خَلْقِهِ ونُصَحاؤُهُ فِي دِينِه والدُّعاةُ إِلَى أَمره، هاهْ هاهْ شَوْقاً إِلَيْهِمْ.

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا قَضَيْتُ عَلَى أَلف هَاهَ أَنها يَاءٌ بِدَلِيلِ قولِهم هِيهِ فِي مَعْنَاهُ. وهَيْهَيْتُ بالإِبل وهاهَيْتُ بِهَا: دعوتها وزجرتها فقلت


(١). قوله [بالكسر والفتح] أَي كسر الهاء الثانية وفتحها، فأَما الهاء الأَولى فمكسورة فقط كما ضبط كذلك في التكملة والمحكم

<<  <  ج: ص:  >  >>