للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لها هَا هَا، فَقَلَبْتَ الْيَاءَ أَلفاً لِغَيْرِ عِلَّةٍ إِلَّا طَلَب الْخِفَّةِ، لأَن الْهَاءَ لِخَفَائِهَا كأَنها لَمْ تَحْجُزْ بَيْنَهُمَا، فَالْتَقَى مِثْلانِ. وهاهَيْتُ بالإِبل أَي شايَعْتُ بِهَا. وهاهَيْتُ الْكِلَابَ: زَجَرْتَهَا؛ وَقَالَ:

أَرَى شَعَراتٍ، على حاجبيَّ، ... بِيضاً نَبَتْنَ جَمِيعًا تُؤَامَا

ظَلِلْتُ أُهاهي بِهنَّ الكِلابَ، ... أَحْسِبُهُنَّ صُواراً قِيامَا

فأَما قَوْلُهُ:

قَدْ أَخْصِمُ الخَصْمَ وَآتِي بالرُّبُعْ، ... وأَرْقَعُ الجفنةَ بالهَيْهِ الرَّثِعْ

فَإِنَّ أَبا عَلِيٍّ فَسَّرَهُ بأَنه الَّذِي يُنَحَّى ويُطْرَدُ لِدَنَسِ ثِيَابِهِ فَلَا يُطْعَمُ، يُقَالُ لَهُ هِيَهْ هِيَهْ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: أَن الهَيْه هُوَ الَّذِي يُنَحَّى لِدَنَسِ ثِيَابِهِ يُقَالُ لَهُ هَيْه هَيْه؛ وأَنشد الْبَيْتَ:

وأَرْقَعُ الجَفْنَةَ بالهَيْهِ الرَّثِعْ

قَوْلُهُ: آتِي بالرُّبُع أَي بالرُّبْعِ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَمَنْ قَالَ بالرُّبَعِ، فَمَعْنَاهُ أَقتاده وأَسوقه. وَقَوْلُهُ:

وأَرْقَعُ الْجَفْنَةَ بِالْهَيْهِ الرثِع

الرَّثِعُ: الَّذِي لَا يُبَالِي مَا أَكل وَمَا صَنَعَ، فَيَقُولُ أَنا أُدنيه وأُطعمه وَإِنْ كَانَ دَنِسَ الثِّيَابِ؛ وأَنشد الأَزهري هَذَا الْبَيْتَ عن الأَعرابي وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: يَقُولُ إِذَا كَانَ خَلَلًا سَددته بِهَذَا، وَقَالَ: الهَيْهُ الَّذِي يُنَحَّى. يُقَالُ: هَيْه هَيْه لِشَيْءٍ يُطْرَدُ وَلَا يُطعَمُ، يَقُولُ: فأَنا أُدنيه وَأُطْعِمُهُ. وهَيَاهٌ: مِنْ أَسماء الشَّيَاطِينِ. وهَيْهاتَ وهَيْهاتِ: كَلِمَةٌ مَعْنَاهَا البُعْدُ، وَقِيلَ: هَيْهاتَ كَلِمَةُ تَبْعِيدٍ؛ قَالَ جريرٌ:

فهَيْهاتَ هَيْهاتَ العَقِيقُ وأَهْلُهُ ... وهَيْهاتَ خِلٌّ بالعَقيقِ نُحاولُهْ

وَالتَّاءُ مَفْتُوحَةٌ مِثْلُ كَيْفَ، وأَصلها هَاءٌ، وَنَاسٌ يَكْسِرُونَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ بِمَنْزِلَةِ نُونِ التَّثْنِيَةِ؛ قَالَ حُمَيدٌ الأَرْقَطُ يَصِفُ إِبِلًا قَطَعَتْ بِلَادًا حتى صارت في القِفار:

يُصْبِحْنَ بالقَفْزِ أَتاوِيَّاتِ، ... هَيْهاتِ مِنْ مُصْبَحِها هَيْهاتِ

هَيْهاتِ حَجْرٌ مِنْ صُنَيْبِعاتِ

وَقَدْ تُبْدَلُ الْهَاءُ هَمْزَةً فَيُقَالُ أَيهاتَ مِثْلُ هَراقَ وأَراقَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

أَيْهاتَ مِنْكَ الحياةُ أَيْهاتَا

وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ هَيْهَاتَ فِي الْحَدِيثِ، وَاتَّفَقَ أَهل اللُّغَةِ أَن التَّاءَ مِنْ هَيْهَاتَ لَيْسَتْ بأَصلية، أَصلها هَاءٌ. قَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: إِذَا وصَلْتَ هَيْهاتَ فَدَعِ التَّاءَ عَلَى حَالِهَا، وَإِذَا وَقَفْتَ فَقُلْ هَيْهات هَيْهاه، قَالَ ذَلِكَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ

. قَالَ: وَقَالَ سِيبَوَيْهِ مَنْ كَسَرَ التَّاءَ فَقَالَ هَيْهاتِ هَيْهاتِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ عِرْقاتٍ، تَقُولُ اسْتأْصلَ اللَّهُ عِرْقاتِهم، فَمَنْ كَسَرَ التَّاءَ جَعَلَهَا جَمْعًا واحدَتُها عِرْقَةٌ، وواحدَةُ هَيْهاتِ عَلَى ذَلِكَ اللَّفْظِ هَيْهَةٌ، وَمَنْ نَصَبَ التَّاءِ جَعَلَهَا كَلِمَةً وَاحِدَةً، قَالَ: وَيُقَالُ هَيْهاتَ مَا قُلْتَ وهَيْهاتَ لِما قُلْتَ، فمَنْ أَدخل اللَّامَ فَمَعْنَاهُ البُعْدُ لِقَوْلِكَ. ابْنُ الأَنباري: فِي هَيْهاتَ سَبْعُ لغاتٍ: فَمَنْ قَالَ هَيْهاتَ بِفَتْحِ التَّاءِ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ شَبَّه التَّاءَ بِالْهَاءِ وَنَصْبُهَا عَلَى مَذْهَب الأَداةِ، وَمَنْ قَالَ هَيْهاتاً بِالتَّنْوِينِ شَبَّهه بِقَوْلِهِ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ أَي فَقَلِيلًا إيمانُهم، وَمَنْ قَالَ هَيْهاتِ شَبَّهه بحذامِ وقطامِ، وَمَنْ قَالَ هَيْهاتٍ بِالتَّنْوِينِ شَبَّهه بالأَصوات

<<  <  ج: ص:  >  >>