وكِيدَ ضِباعُ القُفِّ يأْكُلْنَ جُثَّتي، ... وكِيدَ خِراشٌ، يَوْمَ ذَلِكَ، يَيْتَم
قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ أَنه يُرْوَى زِيلَ مِنَّا زَوالُها وزالَ مِنَّا زَوِيلُها، قَالَ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ زِيلَ بِمَعْنَى زالَ الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ دون المبني للمفعول.
[فصل السين المهملة]
سأل: سَأَلَ يَسْأَلُ سُؤَالًا وسَآلَةً ومَسْأَلةً وتَسْآلًا وسَأَلَةً «٢» قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
أَسَاءَلْتَ رَسْمَ الدَّار، أَم لَمْ تُسَائِل ... عَنِ السَّكْنِ، أَم عَنْ عَهْده بالأَوائِل؟
وسَأَلْتُ أَسْأَلُ وسَلْتُ أَسَلُ، والرَّجُلانِ يَتَسَاءَلانِ ويَتَسايَلانِ، وَجَمْعُ المَسْأَلَة مَسَائِلُ بِالْهَمْزِ، فإِذا حَذَفُوا الْهَمْزَةَ قَالُوا مَسَلَةٌ. وتَسَاءَلُوا: سَأَل بعضُهم بَعْضًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَّاءَلون بِهِ والأَرحام، وقرئ: تَسائَلُونَ بِهِ
، فَمَنْ قرأَ تَسَّاءَلون فالأَصل تَتَساءَلون قُلِبَتِ التَّاءُ سِينًا لِقُرْبِ هَذِهِ مِنْ هذه ثم أُذغمت فِيهَا، قَالَ: وَمَنْ قرأَ تَسائَلُونَ
فأَصله أَيضاً تَتَساءَلون حُذِفَتِ التَّاءُ الثَّانِيَةُ كَرَاهِيَةً للإِعادة، وَمَعْنَاهُ تَطْلُبون حقوقَكم بِهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا
؛ أَراد قولَ الْمَلَائِكَةِ: رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ (الْآيَةَ)؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ وَعْداً مَسْؤُولًا إِنْجازُه، يَقُولُونَ رَبَّنَا قَدْ وعَدْتَنا فأَنْجِزْ لَنَا وعدَك. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: إِنما قَالَ سَواءً لِلسَّائِلِينَ
لأَن كُلًّا يَطْلُبُ القُوتَ ويَسْأَله، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ للسَّائِلِين لِمَنْ سَأَل في كم خُلِقَت السمواتُ والأَرضُ، فَقِيلَ خُلِقَتِ الأَرض فِي أَربعة أَيام سَوَاءً لَا زِيَادَةَ وَلَا نُقْصَانَ، جَوَابًا لِمَنْ سَأَل. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ
؛ مَعْنَاهُ سَوْفَ تُسْأَلُون عَنْ شُكْرِ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ لَكُمْ مِنَ الشَّرَفِ وَالذِّكْرِ، وَهُمَا يَتَسَاءلان. قَالَ: فأَما مَا حَكَاهُ أَبو عَلِيٍّ عَنْ أَبي زَيْدٍ مِنْ قَوْلِهِمُ اللَّهُمَّ أَعْطنا سَأَلاتِنا، فإِنما ذَلِكَ عَلَى وَضْع الْمَصْدَرِ موضعَ الِاسْمِ، وَلِذَلِكَ جُمِع، وَقَدْ يُخَفَّفُ عَلَى الْبَدَلِ فَيَقُولُونَ سَال يَسال، وَهُمَا يَتَساوَلانِ، وقرأَ نَافِعٌ وَابْنُ عُمَرَ سَالَ، غَيْرَ مَهموز، سائلٌ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ بِغَيْرِ هَمْزٍ: سَالَ وادٍ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ، وقرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو وَالْكُوفِيُّونَ: سَأَلَ سائِلٌ
، مَهْمُوزٌ عَلَى مَعْنَى دَعا داعٍ. الْجَوْهَرِيُّ: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ
؛ أَي عَنْ عَذَابٍ وَاقِعٍ. قَالَ الأَخفش: يُقَالُ خَرَجْنا نَسْأَل عَنْ فُلَانٍ وَبِفُلَانٍ، وَقَدْ يُخَفَّفُ فَيُقَالُ سالَ يَسَال؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ومُرْهَقٍ، سَالَ إِمْتاعاً بأُصْدتِه، ... لَمْ يَسْتَعِنْ وحَوامي الموتِ تَغْشاهُ
والأَمر مِنْهُ سَلْ بِحَرَكَةِ الْحَرْفِ الثَّانِي مِنَ الْمُسْتَقْبَلِ، وَمِنَ الأَول اسْأَل؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْعَرَبُ قَاطِبَةً تَحْذِفُ الْهَمْزَ مِنْهُ فِي الأَمر، فإِذا وَصَلُوا بِالْفَاءِ أَو الْوَاوِ هَمَزوا كَقَوْلِكَ فاسْأَلْ واسْأَلْ؛ قَالَ: وَحَكَى الْفَارِسِيُّ أَن أَبا عُثْمَانَ سَمع مَنْ يَقُولُ اسَلْ، يُرِيدُ اسْأَلْ، فَيَحْذِفُ الْهَمْزَةَ ويُلقي حَرَكَتِهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا، ثُمَّ يأْتي بأَلف الْوَصْلِ لأَن هَذِهِ السِّينَ وإِن كَانَتْ مُتَحَرِّكَةً فَهِيَ فِي نِيَّةِ السُّكُونِ، وَهَذَا كَقَوْلِ بَعْضِ الْعَرَبِ الاحْمَر فَيُخَفِّفُ الْهَمْزَةَ بأَن يَحْذِفَهَا ويلقي
(٢). قوله [وسَأَلَةً] ضبط في الأَصل بالتحريك وهو كذلك في القاموس وشرحه؛ وقوله قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ: أسَاءَلْت، كذا في الأَصل، وفي شرح القاموس: وسَاءَلَهُ مُسَاءَلَة، قال أبو ذؤيب إلخ