أُلالِكَ قَوْمي لَمْ يَكُونُوا أُشابةً، ... وهَلْ يَعِظُ الضِّلِّيلَ إِلَّا أُلالِكا؟
وَاللَّامُ فِيهِ زيادةٌ، وَلَا يُقَالُ: هؤلاءِ لَكَ، وَزَعَمَ سِيبَوَيْهِ أَن اللَّامَ لَمْ تُزَدْ إِلَّا فِي عَبْدَل وَفِي ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ أُلالِك إِلَّا أَن يَكُونَ اسْتَغْنَى عَنْهَا بِقَوْلِهِ ذَلِكَ، إِذ أُلالِك فِي التَّقْدِيرِ كأَنه جَمْع ذَلِكَ، وَرُبَّمَا قَالُوا أُولئك فِي غَيْرِ الْعُقَلَاءِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
ذُمّ المَنازِلَ، بَعْدَ مَنْزِلة اللِّوَى، ... والعَيْشَ، بَعْدَ أُولئكَ الأَيّامِ
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا
؛ قَالَ: وأَما أُلى، بِوَزْنِ العُلا، فَهُوَ أَيضاً جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَاحِدُهُ الَّذِي. التَّهْذِيبُ: الأُلى بِمَعْنَى الَّذِينَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
فإِنَّ الأُلى بالطَّفِّ مِنْ آلِ هاشِمٍ ... تآسَوْا، فسَنُّوا للكِرامِ التَّآسِيا
وأَتى بِهِ زِيَادُ الأَعجم نَكِرَةً بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ فِي قَوْلِهِ:
فأَنْتُمْ أُلى جِئتمْ مَعَ البَقْلِ والدَّبى ... فَطارَ، وَهَذَا شَخْصُكُم غَيْرُ طَائِرٍ
قَالَ: وَهَذَا الْبَيْتُ فِي بَابِ الهجاءِ منَ الْحَمَاسَةِ، قَالَ: وَقَدْ جاءَ مَمْدُودًا؛ قَالَ خَلَف بْنُ حَازِمٍ:
إِلى النَّفَرِ البِيضِ الأُلاءِ كأَنَّهُمْ ... صَفائحُ، يَوْمَ الرَّوْعِ، أَخْلَصَها الصَّقْلُ
قَالَ: وَالْكَسْرَةُ الَّتِي فِي أُلاءِ كَسْرَةُ بِنَاءٍ لَا كَسْرَةُ إِعراب؛ قَالَ: وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْآخَرُ:
فإِنَّ الأُلاءِ يَعْلَمُونَكَ مِنْهُمُ
قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن أُلا وأُلاء نُقِلَتَا مِنْ أَسماءِ الإِشارة إِلَى مَعْنَى الَّذِينَ، قَالَ: وَلِهَذَا جاءَ فِيهِمَا الْمَدُّ وَالْقَصْرُ وبُنِيَ الْمَمْدُودُ عَلَى الْكَسْرِ، وأَما قَوْلُهُمْ: ذَهَبَتِ الْعَرَبُ الأُلى، فَهُوَ مَقْلُوبٌ مِنَ الأُوَل لأَنه جَمْعُ أَوْلَى مِثْلَ أُخرى وأُخَر، وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
رأَيتُ مَواليَّ الأُلى يَخْذُلُونَني ... عَلَى حَدَثانِ الدَّهْرِ، إِذ يَتَقَلَّبُ
قَالَ: فَقَوْلُهُ يَخْذُلونَني مَفْعُولٌ ثَانٍ أَو حَالٌ وَلَيْسَ بِصِلَةٍ؛ وَقَالَ عَبِيدُ بْنُ الأَبْرَص:
نَحْنُ الأُلى، فاجْمَعْ جُموعَكَ، ... ثمَّ وجِّهْهُمْ إِلَيْنا
قَالَ: وَعَلَيْهِ قَوْلُ أَبي تَمَّام:
مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كانَتِ العَرَبُ الأُلى ... يَدْعُونَ هَذَا سُودَداً مَحْدُودا
رأَيت بِخَطِّ الشَّيْخِ رَضِيِّ الدِّينِ الشَّاطِبِيِّ قَالَ: وَلِلشَّرِيفِ الرَّضِيِّ يَمْدَحُ الطَّائِعَ:
قَدْ كَانَ جَدُّكَ عِصْمةَ العَرَبِ الأُلى، ... فالْيَوْمَ أَنت لَهُمْ مِنَ الأَجْذام
قَالَ: وَقَالَ ابْنُ الشَّجَرِيِّ قَوْلُهُ الأُلى يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحدهما أَن يَكُونَ اسْمًا ناقصا بِمَعْنَى الَّذِينَ، أَراد الأُلى سَلَفُوا، فَحَذَفَ الصِّلَةَ لِلْعِلْمِ بِهَا كَمَا حَذَفَهَا عَبِيدُ بْنُ الأَبرص فِي قَوْلِهِ:
نَحْنُ الأُلى، فَاجْمَعْ جُمُوعَكَ
أَراد: نَحْنُ الأُلى عَرَفْتَهم، وَذَكَرَ ابْنُ سِيدَهْ أُلى فِي اللَّامِ وَالْهَمْزَةِ والياءِ، وَقَالَ: ذَكَرْتُهُ هُنَا لأَن سِيبَوَيْهِ قَالَ أُلى بِمَنْزِلَةِ هُدى، فمَثَّله بِمَا هُوَ مِنَ الياءِ، وإِن كَانَ سِيبَوَيْهِ رُبَّمَا عَامَلَ اللَّفْظَ.
[أنى]
: أَنَّى: مَعْنَاهُ أَيْنَ. تَقُولُ: أَنَّى لك هذا أَي من أَيْن لك هذا، وَهِيَ مِنَ الظُّرُوفِ الَّتِي يُجازى بِهَا، تَقُولُ: أَنَّى تَأْتِني آتِكَ؛ مَعْنَاهُ مِنْ أَيّ جِهَةٍ تَأْتِني آتِكَ، وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى كيفَ، تَقُولُ: