للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنَّى لكَ أَنْ تَفْتَحَ الحِصْنَ أَي كَيْفَ لكَ ذَلِكَ. التَّهْذِيبُ: قَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّى أَداةٌ وَلَهَا مَعْنَيَانِ: أَحدهما أَن تَكُونَ بِمَعْنَى مَتى؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا

؛ أَي مَتى هَذَا وَكَيْفَ هَذَا، وَتَكُونُ أَنَّى بِمَعْنَى مِنْ أَيْنَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ

؛ يَقُولُ: مِنْ أَيْنَ لَهُمْ ذَلِكَ؛ وَقَدْ جَمَعَهُمَا الشَّاعِرُ تأْكيداً فَقَالَ:

أَنَّى ومِنْ أَيْنَ آبَكَ الطَّرَبُ

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا

؛ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ: قُلْتُمْ مِنْ أَيْنَ هَذَا، وَيَكُونُ قُلْتُمْ كَيْفَ هَذَا. وَقَالَ تَعَالَى: قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا

؛ أَيْ من أَيْنَ لك هذا. وَقَالَ اللَّيْثُ: أَنَّى مَعْنَاهَا كَيْفَ ومِنْ أَيْنَ؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ عَلْقَمَةَ:

ومُطْعَمُ الغُنْمِ يَومَ الغُنْمِ مُطْعَمُهُ ... أَنّى تَوَجَّه، والمَحْرُومُ مَحْرومُ

أَراد: أَينما تَوَجَّهَ وكَيْفَما تَوَجَّه. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: قرأَ بَعْضُهُمْ أَنَّى صَبَبْنا الماءَ صَبّاً؛ قَالَ: مَن قرأَ بِهَذِهِ القراءَة قَالَ الْوَقْفُ عَلَى طَعامه تامٌّ، وَمَعْنَى أَنَّى أَيْنَ إِلَّا أَن فِيهَا كِناية عَنِ الوُجوه وتأْويلها مِنْ أَيّ وَجْهٍ صَبَبْنا الْمَاءَ؛ وأَنشد:

أَنَّى وَمِنْ أَينَ آبَكَ الطَّرَبُ

[أيا]

: إيَّا مِنْ عَلَامَاتِ الْمُضْمَرِ، تَقُولُ: إيَّاك وإيَّاهُ وإيَّاكَ أَنْ تَفْعَل ذَلِكَ وهِيَّاكَ، الْهَاءُ عَلَى الْبَدَلِ مِثْلَ أَراقَ وهَراقَ؛ وأَنشد الأَخفش:

فهيّاكَ والأَمْرَ الَّذِي إنْ تَوسَّعَتْ ... مَوارِدُه، ضاقَتْ عَلَيْكَ مَصادِرُهْ

وَفِي المُحكم: ضاقَتْ عليكَ المَصادِرُ؛ وَقَالَ آخَرُ:

يَا خالِ، هَلَّا قُلْتَ، إذْ أَعْطَيْتَني، ... هِيَّاكَ هِيَّاكَ وحَنْواءَ العُنُقْ

وَتَقُولُ: إيَّاكَ وأَنْ تَفْعَلَ كَذَا، وَلَا تَقُلْ إِيَّاك أَنْ تَفْعَل بِلَا وَاوٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمُمْتَنِعُ عِنْدَ النحويين إِياكَ الأَسَدَ، لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْوَاوِ، فأَمَّا إِيَّاك أَن تَفْعل فَجَائِزٌ عَلَى أَن تَجْعَلَهُ مَفَعُولًا مِنْ أَجله أَي مَخافةَ أَنْ تَفْعَل. الْجَوْهَرِيُّ: إِيَّا اسْمٌ مُبْهَمٌ ويَتَّصِلُ بِهِ جَمِيعُ الْمُضْمَرَاتِ الْمُتَّصِلَةِ الَّتِي لِلنَّصْبِ، تَقُولُ إِيَّاكَ وإِيَّايَ وإيَّاه وإِيَّانا، وَجُعِلَتِ الْكَافُ وَالْهَاءُ وَالْيَاءُ وَالنُّونُ بَيَانًا عَنِ الْمَقْصُودِ ليُعْلَم المخاطَب مِنَ الْغَائِبِ، وَلَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الإِعراب، فَهِيَ كَالْكَافِ فِي ذَلِكَ وأَ رَأَيْتَكَ، وكالأَلف وَالنُّونِ الَّتِي فِي أَنت فَتَكُونُ إِيَّا الِاسْمُ وَمَا بَعْدَهَا لِلْخِطَابِ، وَقَدْ صَارَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ لأَن الأَسماء الْمُبْهَمَةَ وَسَائِرَ المَكْنِيَّات لَا تُضافُ لأَنها مَعارفُ؛ وَقَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: إنَّ إِيَّا مُضاف إِلى مَا بَعْدَهُ، وَاسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ إِذا بَلَغَ الرَّجُلُ السِّتِّينَ فإِياهُ وإِيَّا الشَّوابِّ، فأَضافوها إِلَى الشَّوابِّ وخَفَضُوها؛ وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: الْكَافُ وَالْهَاءُ وَالْيَاءُ وَالنُّونُ هِيَ الأَسماء، وإِيَّا عِمادٌ لَهَا، لأَنها لَا تَقُومُ بأَنْفُسها كَالْكَافِ وَالْهَاءِ وَالْيَاءِ فِي التأْخير فِي يَضْرِبُكَ ويَضْرِبُه ويَضْرِبُني، فَلَمَّا قُدِّمت الْكَافُ وَالْهَاءُ وَالْيَاءُ عُمِدَتْ بإيَّا، فَصَارَ كُلُّهُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَلَكَ أَن تَقُولَ ضَرَبْتُ إِيَّايَ لأَنه يَصِحُّ أَن تَقُولَ ضَرَبْتُني، وَلَا يَجُوزُ أَن تَقُولَ ضَرَبْتُ إِيَّاك، لأَنك إِنَّمَا تحتاجُ إِلَى إِيَّاكَ إِذَا لَمْ يُمكِنْكَ اللَّفْظُ بِالْكَافِ، فإِذا وصَلْتَ إِلَى الْكَافِ ترَكْتَها؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ وَلَكَ أَن تَقُولَ ضَرَبْتُ إِيايَ لأَنه يَصِحُّ أَن تَقُولَ ضَرَبْتُني وَلَا يَجُوزُ أَن تَقُولَ ضَرَبْتُ إِيَّاكَ، قَالَ: صَوَابُهُ أَن يَقُولَ ضَرَبْتُ إِيَّايَ، لأَنه لَا يَجُوزُ أَن تَقُولَ ضَرَبْتُني، وَيَجُوزُ أَن تَقُولَ ضَرَبْتُكَ إِيَّاكَ لأَن الْكَافَ اعْتُمِدَ بِهَا عَلَى الفِعل، فَإِذَا أَعَدْتَها

<<  <  ج: ص:  >  >>