للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ا]

ـ[حَرْفُ الْأَلِفِ اللَّيِّنَةِ]ـ

مِنْ شَرْطِنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ أَن نُرَتِّبَهُ كَمَا رَتَّبَ الْجَوْهَرِيُّ صِحَاحَهُ، وَهَكَذَا وَضَعَ الْجَوْهَرِيُّ هُنَا هَذَا الْبَابَ فَقَالَ بَابُ الأَلف اللَّيِّنَةِ، لأَن الأَلف عَلَى ضَرْبَيْنِ لَيِّنَةٍ وَمُتَحَرِّكَةٍ، فَاللَّيِّنَةُ تُسَمَّى أَلفاً وَالْمُتَحَرِّكَةُ تُسَمَّى هَمْزَةً، قَالَ: وَقَدْ ذَكَرْنَا الْهَمْزَةَ وَذَكَرْنَا أَيضاً مَا كَانَتِ الأَلف فِيهِ مُنْقَلِبَةً مِنَ الْوَاوِ أَوِ الْيَاءِ، قَالَ: وَهَذَا بَابٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَلفات غَيْرِ مُنْقَلِبَاتٍ مِنْ شَيْءٍ فَلِهَذَا أَفردناه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَلف الَّتِي هِيَ أَحد حُرُوفِ الْمَدِّ وَاللِّينِ لَا سَبِيلَ إِلَى تَحْرِيكِهَا، عَلَى ذَلِكَ إِجْمَاعُ النَّحْوِيِّينَ، فَإِذَا أَرادوا تَحْرِيكَهَا رَدُّوهَا إِلَى أَصلها فِي مِثْلِ رَحَيانِ وعَصَوانِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُنْقَلِبَةً عَنْ وَاوٍ وَلَا يَاءٍ وأَرادوا تَحْرِيكَهَا أَبدلوا مِنْهَا هَمْزَةً فِي مِثْلِ رِسالة ورَسائلَ، فَالْهَمْزَةُ بَدَلٌ مِنَ الأَلف، وَلَيْسَتْ هِيَ الأَلف لأَن الأَلف لَا سَبِيلَ إِلَى تحريكها، والله أَعلم.

آ: الأَلف: تأْليفها مِنْ هَمْزَةٍ وَلَامٍ وَفَاءٍ، وَسُمِّيَتْ أَلفاً لأَنها تأْلف الْحُرُوفَ كُلَّهَا، وَهِيَ أَكثر الْحُرُوفِ دُخُولًا فِي الْمَنْطِقِ، وَيَقُولُونَ: هَذِهِ أَلِفٌ مُؤلَّفةٌ. وَقَدْ جَاءَ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلَمْ*، أَنَّ الأَلف اسْمٌ مِنْ أَسماء اللَّهِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ، وَاللَّهُ أَعلم بِمَا أَراد، والأَلف اللَّيِّنَةُ لَا صَرْفَ لَهَا إِنَّمَا هِيَ جَرْسُ مَدَّةٍ بَعْدِ فَتْحَةٍ، وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ أَحمد بْنِ يَحْيَى وَمُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ أَنهما قَالَا: أُصول الأَلفات ثَلَاثَةٌ وَيَتْبَعُهَا الْبَاقِيَاتُ: أَلف أَصلية وَهِيَ فِي الثُّلَاثِيِّ مِنَ الأَسماء، وأَلف قَطْعِيَّةٌ وَهِيَ فِي الرُّبَاعِيِّ، وأَلِفٌ وَصْلِيَّةٌ وَهِيَ فِيمَا جَاوَزَ الرُّبَاعِيَّ، قَالَا: فالأَصلية مِثْلُ أَلِفِ أَلِفٍ وإلْفٍ وأَلْفٍ وَمَا أَشبهه، وَالْقَطْعِيَّةُ مِثْلُ أَلف أَحمد وأَحمر وَمَا أَشبهه، وَالْوَصْلِيَّةُ مِثْلُ أَلف اسْتِنْبَاطٍ وَاسْتِخْرَاجٍ، وَهِيَ فِي الأَفعال إِذَا كَانَتْ أَصلية مِثْلَ أَلف أَكَل، وَفِي الرُّبَاعِيِّ إِذَا كَانَتْ قَطْعِيَّةً مِثْلَ أَلف أَحْسَن، وَفِيمَا زَادَ عَلَيْهِ مِثْلَ أَلف اسْتَكْبَرَ وَاسْتَدْرَجَ إِذَا كَانَتْ وَصْلِيَّةً، قَالَا: وَمَعْنَى أَلف الِاسْتِفْهَامِ ثَلَاثَةٌ: تَكُونُ بَيْنَ الْآدَمِيِّينَ يَقُولُهَا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ اسْتِفْهَامًا، وَتَكُونُ مِنَ الجَبّار لِوَلِيِّهِ تَقْرِيرًا وَلِعَدُوِّهِ تَوْبِيخًا، فَالتَّقْرِيرُ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمَسِيحِ: أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ؛ قَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى: وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّقْرِيرُ لِعِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لأَن خُصُومه كَانُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>