للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْنَاهُ بِحَقِيقَةِ الْقُلُوبِ مِنَ الْمُضْمَرَاتِ، فتأْنيث ذَاتٍ لِهَذَا الْمَعْنَى كَمَا قَالَ: وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ

، فأَنَّث عَلَى مَعْنَى الطَّائِفَةِ كَمَا يُقَالُ لَقِيتُه ذاتَ يَوْمٍ، فَيُؤَنِّثُونَ لأَن مَقْصِدهم لَقِيتُهُ مَرَّةً فِي يَوْمٍ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ

؛ أُريد بذاتَ الجِهةُ فَلِذَلِكَ أَنَّثها، أَراد جِهَةَ ذَاتَ يَمِينِ الكَهف وذاتَ شِماله، وَاللَّهُ أَعلم.

بَابُ ذَوَا وَذَوِي مُضَافَيْنِ إِلى الأَفعال

: قَالَ شَمِرٌ: قَالَ الْفَرَّاءُ سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ بِالْفَضْلِ ذُو فَضَّلَكم اللهُ بِهِ وَالْكَرَامَةُ ذاتُ أَكْرَمَكمُ اللهُ بِهَا، فَيَجْعَلُونَ مَكَانَ الَّذِي ذُو، وَمَكَانَ الَّتِي ذاتُ وَيَرْفَعُونَ التَّاءَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، قَالَ: وَيَخْلِطُونَ فِي الِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ، وَرُبَّمَا قَالُوا هَذَا ذُو يَعْرِفُ، وَفِي التَّثْنِيَةِ هَاتَانِ ذَوا يَعْرِفُ، وَهَذَانِ ذَوا تَعْرِفُ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:

وإِن الْمَاءَ مَاءُ أَبي وجَدِّي، ... وبِئْري ذُو حَفَرْتُ وَذُو طَوَيْتُ

قَالَ الْفَرَّاءُ: وَمِنْهُمْ مَنْ يُثَنِّي وَيَجْمَعُ وَيُؤَنِّثُ فَيَقُولُ هذانِ ذَوا قَالَا، وَهَؤُلَاءِ ذَوو قَالُوا ذَلِكَ، وَهَذِهِ ذاتُ قَالَتْ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:

جَمَعْتُها مِنْ أَيْنُقٍ سَوابِقِ ... ذَواتُ يَنْهَضْنَ بغَيْرِ سائقِ

وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الْعَرَبُ تَقُولُ لَا بذِي تَسْلَمُ مَا كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلِلِاثْنَيْنِ لَا بِذِي تَسْلَمان، وَلِلْجَمَاعَةِ لَا بِذِي تَسْلَمُون، وَلِلْمُؤَنَّثِ لَا بِذِي تَسْلَمين، وَلِلْجَمَاعَةِ لَا بِذِي تَسْلَمْنَ، والتأْويل لا ولله يُسَلِّمُكَ مَا كَانَ كَذَا وَكَذَا، لَا وسَلامَتِك مَا كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدِ: وَمِمَّا يُضَافُ إِلى الْفِعْلِ ذُو فِي قَوْلِكَ افْعَلْ كَذَا بِذِي تَسْلَم، وافْعلاه بِذِي تَسْلَمانِ؛ مَعْنَاهُ بِالَّذِي يُسَلِّمك. وَقَالَ الأَصمعي: تَقُولُ الْعَرَبُ واللهِ مَا أَحسَنْتَ بِذِي تَسْلم؛ قَالَ: مَعْنَاهُ واللهِ الَّذِي يُسَلِّمك مِنَ المرْهُوب، قَالَ: وَلَا يَقُولُ أَحد بالذِي تَسْلَمُ؛ قَالَ: وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:

فإِنَّ بَيْتَ تَمِيمٍ ذُو سَمِعْت بِهِ

فإِنَّ ذُو هَاهُنَا بِمَعْنَى الَّذِي وَلَا تَكُونُ فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْجَرِّ إِلَّا عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ، وَلَيْسَتْ بِالصِّفَةِ الَّتِي تُعْرَبُ نَحْوِ قَوْلِكَ مَرَرْتُ بِرَجُلٍ ذِي مَالٍ، وَهُوَ ذُو مَالٍ، ورأَيت رَجُلًا ذَا مَالٍ، قَالَ: وَتَقُولُ رأَيت ذُو جاءَك وذُو جاءَاك وَذُو جاؤُوك وَذُو جاءَتْكَ وَذُو جِئْنَكَ، لَفْظٌ وَاحِدٌ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، قَالَ: وَمَثَلٌ لِلْعَرَبِ: أَتى عَلَيْهِ ذُو أَتى عَلَى النَّاسِ أَي الَّذِي أَتى؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهِيَ لغة طيِء، وذُو بِمَعْنَى الَّذِي. وَقَالَ اللَّيْثُ: تَقُولُ مَاذَا صَنَعْتَ؟ فَيَقُولُ: خَيْرٌ وخَيْراً، الرَّفْعُ عَلَى مَعْنَى الَّذِي صنَعْتَ خَيْرٌ، وَكَذَلِكَ رُفِعَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: يَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ

؛ أَي الَّذِي تُنْفِقونَ هُوَ العَفْوُ مِنْ أَموالكم فَا «٢» ... فأَنفقوا، وَالنَّصْبُ لِلْفِعْلِ. وَقَالَ أَبو إِسحق: مَعْنَى قَوْلِهِ مَاذَا يُنْفِقُونَ

فِي اللُّغَتَيْنِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحدهما أَن يَكُونَ ذَا فِي مَعْنَى الَّذِي، وَيَكُونُ يُنْفِقون مِنْ صِلَتِهِ، الْمَعْنَى يسأَلونك أَيُّ شيء يُنْفِقُون، كأَنه بَيَّنَ وجْهَ الَّذِي يُنْفِقون لأَنهم يَعْلَمُونَ مَا المُنْفَق، وَلَكِنَّهُمْ أَرادوا عِلمَ وَجْهِه؛ ومِثْلُ جَعْلِهم ذَا فِي مَعْنَى الَّذِي قَوْلُ الشَّاعِرِ:

عَدَسْ، مَا لعَبَّادٍ عَلَيْكِ إِمارةٌ ... نَجَوْتِ، وَهَذَا تَحْمِلِينَ طَلِيقُ


(٢). كذا بياض بالأَصل

<<  <  ج: ص:  >  >>