الرُّكْبان، وَلَا تَكُونُ الإِفاضة إِلا وَعَلَيْهَا الرُّكْبانُ. وَفِي حَدِيثِ الْحَجِّ:
فأَفاضَ مِنْ عَرفةَ
؛ الإِفاضةُ: الزَّحْفُ والدَّفْعُ فِي السَّيْرِ بِكَثْرَةٍ، وَلَا يَكُونُ إِلا عَنْ تفرقٍ وجَمْعٍ. وأَصل الإِفاضةِ الصَّبُّ فَاسْتُعِيرَتْ لِلدَّفْعِ فِي السَّيْرِ، وأَصله أَفاضَ نفْسَه أَو رَاحِلَتَهُ فرَفَضُوا ذِكْرَ الْمَفْعُولِ حَتَّى أَشْبه غَيْرَ المتعدِّي؛ وَمِنْهُ طَوافُ الإِفاضةِ يَوْمَ النَّحْرِ يُفِيضُ مِنْ مِنى إِلى مَكَّةَ فَيَطُوفُ ثُمَّ يَرْجِعُ. وأَفاضَ الرجلُ بالقِداحِ إِفاضةً: ضرَب بِهَا لأَنها تَقَعُ مُنْبَثَّةً مُتَفَرِّقَةً، وَيَجُوزُ أَفاضَ عَلَى الْقِدَاحِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الهُذلي يَصِفُ حِمَارًا وأُتُنه:
وكأَنَّهُنَّ رِبابَةٌ، وكَأَنَّه ... يَسَرٌ، يُفِيضُ عَلَى القِداحِ ويَصْدَعُ
يَعْنِي بالقِداحِ، وحروفُ الْجَرِّ يَنُوبُ بعضُها مَنابَ بَعْضٍ. التَّهْذِيبُ: كُلُّ مَا كَانَ فِي اللُّغَةِ مِنْ بَابِ الإِفاضةِ فَلَيْسَ يَكُونُ إِلا عَنْ تفرُّق أَو كَثْرَةٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عَنْهُمَا: أَخرج اللهُ ذَرِّيَّةَ آدمَ مِنْ ظَهْرِهِ فأَفاضَهم إِفاضَةَ القِدْحِ
؛ هِيَ الضرْبُ بِهِ وإِجالَتُه عِنْدَ القِمار، والقِدْحُ السهمُ، واحدُ القِداح الَّتِي كَانُوا يُقامِرُونَ بِهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ اللُّقَطَةِ:
ثُمَّ أَفِضْها فِي مالِكَ
أَي أَلْقِها فِيهِ واخْلِطْها بِهِ، مِنْ قَوْلِهِمْ فاضَ الأَمرُ وأَفاضَ فِيهِ. وفَيّاضٌ: مِنْ أَسماء الرِّجَالِ. وفَيّاضٌ: اسْمُ فُرْسٍ مِنْ سَوابق خَيْلِ الْعَرَبِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
وعَناجِيج جِيادٍ نُجُبٍ ... نَجْلَ فَيّاضٍ وَمِنْ آلِ سَبَلْ
وَفَرَسٌ فَيْضٌ وسَكْبٌ: كَثِيرُ الجَرْي.
[فصل القاف]
قبض: القَبْضُ: خِلافُ البَسْط، قَبَضَه يَقْبِضُه قَبْضاً وقَبّضَه؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
تَرَكْتُ ابنَ ذِي الجَدَّينِ فِيهِ مُرِشَّةٌ، ... يُقَبِّضُ أَحْشاءَ الجَبانِ شَهِيقُها
والانْقِباضُ: خِلافُ الانْبِساط، وَقَدِ انْقَبَضَ وتَقَبَّضَ. وانْقَبَضَ الشيءُ: صارَ مَقْبُوضاً. وتَقَبَّضَتِ الْجِلْدَةُ فِي النَّارِ أَي انْزَوَتْ. وَفِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى: القابِضُ، هُوَ الَّذِي يُمْسِكُ الرِّزْقَ وَغَيْرَهُ مِنَ الأَشياء عَنِ العِبادِ بلُطْفِه وحِكمته ويَقْبِضُ الأَرْواحَ عِنْدَ المَمات. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرضَ وَيَقْبِضُ السَّمَاءَ
أَي يَجْمَعُهُمَا. وقُبِضَ المريضُ إِذا توُفِّيَ وإِذا أَشرف عَلَى الْمَوْتِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَرْسَلَتْ إِليه أَن ابْنًا لِي قُبِضَ
؛ أَرادت أَنه فِي حَالِ القَبْضِ ومُعالجة النَّزْع. اللَّيْثُ: إِنه ليَقْبِضُني مَا قَبَضَك؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ أَنه يُحْشِمُني مَا أَحْشَمَكَ، ونَقِيضُه مِنَ الْكَلَامِ: إِنه لَيَبْسُطُني مَا بَسَطَك. وَيُقَالُ: الخَيْرُ يَبْسُطُه والشرُّ يَقْبِضُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فاطِمةُ بَضْعةٌ مِنِي يَقْبِضُني مَا قبَضها
أَي أَكره مَا تَكَرَهُهُ وأَنْجَمِعُ مِمَّا تَنْجَمِعُ مِنْهُ. والتَّقَبُّضُ: التَّشَنُّجُ. والملَكُ قابِضُ الأَرْواح. وَالْقَبْضُ: مَصْدَرُ قَبَضْت قَبْضاً، يُقَالُ: قبضتُ مَالِي قَبْضًا. والقَبْضُ: الِانْقِبَاضُ، وأَصله فِي جَنَاحِ الطَّائِرِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ
. وقبَضَ الطائرُ جناحَه: جَمَعَه. وتَقَبَّضَتِ الجلدةُ فِي النَّارِ أَي انْزَوَتْ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ
؛ أَي عَنِ النَّفَقَةِ، وَقِيلَ: لَا يُؤْتون الزَّكَاةَ. وَاللَّهُ يَقْبِضُ ويبسُط أَي يُضَيِّقُ عَلَى قَوْمٍ ويُوَسِّع