الخلقَ يَلُوهُهم خلَقَهم، وَذَلِكَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ. واللاهةُ: الحيَّةُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. واللاتُ: صنمٌ لِثَقِيف، وَكَانَ بِالطَّائِفِ، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَقِفُ عَلَيْهِ بِالتَّاءِ، وَبَعْضُهُمْ بِالْهَاءِ، وأَصله لاهةٌ، وَهِيَ الحيَّة كأَنَّ الصنَمَ سُمِّي بِهَا، ثُمَّ حُذِفَتْ مِنْهُ الْهَاءُ، كَمَا قَالُوا شَاةٌ وأَصلها شَاهَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا بأَن أَلفَ اللاهةِ الَّتِي هِيَ الحيَّةُ واوٌ لأَن العينَ وَاوًا أَكثرُ مِنْهَا يَاءً، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ:
أفَرَأَيْتُمُ اللَّاتِ والعُزَّى
، بِالتَّاءِ، وَيَقُولُ: هِيَ اللَّاتْ فَيَجْعَلُهَا تَاءً فِي السُّكوت، وَهِيَ اللاتِ، فأَعلَم أَنه جُرَّ فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ، فَهَذَا مثلُ أَمْسِ مَكْسُورٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَهُوَ أَجْودُ مِنْهُ لأَن أَلفَ اللاتِ ولامَه لَا تَسْقُطان وَإِنْ كَانَتَا زَائِدَتَيْنِ، قَالَ: وأَما مَا سَمِعْنَا مِنَ الأَكثر فِي اللاتِ والعُزَّى فِي السُّكُوتِ عَلَيْهَا فاللَّاهْ، لأَنها هاءٌ فَصَارَتْ تَاءً فِي الْوَصْلِ، وَهِيَ فِي تِلْكَ اللُّغَةِ مثلُ كَانَ مِنَ الأَمر كَيْتِ وكَيْتِ، وَكَذَلِكَ هَيْهاتِ فِي لُغَةِ مَنْ كسَر، إِلَّا أَنه يَجُوزُ فِي هَيْهات أَن يَكُونَ جَمَاعَةً وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي اللَّات، لأَن التَّاءَ لَا تُزاد فِي الْجَمَاعَةِ إِلَّا مَعَ الأَلف، وَإِنْ جعلتَ الأَلف وَالتَّاءَ زَائِدَتَيْنِ بَقِيَ الِاسْمُ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حقُّ اللاتِ أَن تُذْكَرَ فِي فَصْلِ لُوِيَ لأَن أَصله لَوَيَة مِثْلُ ذَاتٍ مِنْ قَوْلِكَ ذاتُ مالٍ، والتاءُ للتأْنيث، وَهُوَ مِنْ لَوَى عَلَيْهِ يَلْوِي إِذَا عَطَف لأَن الأَصنام يُلْوَى عَلَيْهَا ويُعْكَف. الْجَوْهَرِيُّ: لاهَ يَلِيهُ لَيْهاً تَسَتَّر، وجوَّز سِيبَوَيْهِ أَن يَكُونَ لاهٌ أَصلَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى؛ قَالَ الأَعشى:
كَدَعْوةٍ مِنْ أَبي رَباحٍ ... يَسْمَعُها لاهُه الكُبارُ
أَي إلاهُه، أُدخلت عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامُ فَجَرَى مَجْرَى الِاسْمِ الْعَلَمِ كالعبَّاسِ والحسَن، إِلَّا أَنه خَالَفَ الأَعلام مِنْ حيثُ كَانَ صِفَةً، وَقَوْلُهُمْ: يَا أَلِلَّهِ، بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ، إِنَّمَا جازَ لأَنه يُنْوَى فِيهِ الْوَقْفُ عَلَى حَرْفِ النِّدَاءِ تفخيماً للاسم. وقولهم: لاهُمَّ واللَّهُمَّ، فَالْمِيمُ بَدَلٌ مِنْ حَرْفِ النِّدَاءِ؛ وَرُبَّمَا جُمع بَيْنَ البَدَل والمُبْدَل مِنْهُ فِي ضَرُورَةِ الشَّعْرِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
غَفَرْتَ أَو عذَّبْتَ يَا اللَّهُمَّا
لأَن لِلشَّاعِرَ أَن يُرَدَّ الشَّيْءُ إِلَى أَصله؛ وَقَوْلِ ذِي الإِصْبَع:
لاهِ ابنُ عَمِّكَ، لَا أَفْضَلْتَ فِي حَسَبٍ ... عَنّي، وَلَا أَنْتَ دَيَّانِي فتَخْزُوني
أَراد: للهِ ابنُ عَمِّكَ، فَحَذَفَ لامَ الْجَرِّ واللامَ الَّتِي بَعْدَهَا، وأَما الأَلفُ فَهِيَ مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الْيَاءِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ لَهْيَ أَبوكَ، أَلا تَرَى كَيْفَ ظَهَرَتِ الْيَاءُ لَمَّا قُلِبت إِلَى مَوْضِعِ اللَّامِ؟ وأَما لاهُوت فَإِنْ صَحَّ أَنه مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ فَيَكُونُ اشْتِقَاقُهُ مِنْ لاهَ، وَوَزْنُهُ فَعَلُوت مِثْلُ رَغَبُوت ورَحَمُوت، وَلَيْسَ بِمَقْلُوبٍ كَمَا كَانَ الطَّاغُوتُ مقلوباً.
[فصل الميم]
مته: مَتَهَ الدَّلْوَ يَمْتَهُها مَتْهاً: مَتَحَها. والمَتْهُ والتَّمَتُّه: الأَخْذُ فِي الغَوايةِ والباطلِ. والتَّمَتُّه: التحمُّقُ والاخْتيال، وَقِيلَ: هُوَ أَن لَا يَدْرِيَ أَينَ يَقْصِد وَيَذْهَبُ، وَقِيلَ: هُوَ التمَدُّحُ والتفخُّرُ، وكلُّ مبالغةٍ فِي شَيْءٍ تَمَتُّهٌ، وَقِيلَ: التَّمَتُّهُ أَصله التَّمدُّه، وَهُوَ التمدُّحُ. وَقَدْ تَمتَّهَ إِذَا تمَدَّحَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
تمَتَّهي مَا شِئْتِ أَنْ تمَتَّهِي، ... فلَسْتِ مِنْ هَوْئِي وَلَا مَا أَشْتَهِي
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: التَّمَتُّه مثلُ التَّعَتُّهِ وَهُوَ المُبالغةُ فِي