للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَرَكَتَهَا عَلَى اللَّامِ قَبْلَهَا؛ فأَما قَوْلُ بِلَالِ بْنِ جَرِيرٍ:

إِذا ضِفْتَهُم أَو سَايَلْتَهُمْ، ... وجَدْتَ بِهِمْ عِلَّةً حاضِرَه

فإِن أَحمد بْنُ يَحْيَى لَمْ يَعْرِفْه، فَلَمَّا فَهِم قَالَ: هَذَا جَمْعٌ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ، فَالْهَمْزَةُ فِي هَذَا هِيَ الأَصل، وَهِيَ الَّتِي فِي قَوْلِكَ سأَلْت زَيْدًا، وَالْيَاءُ هِيَ الْعِوَضُ وَالْفَرْعُ، وَهِيَ الَّتِي فِي قَوْلِكَ سَايَلْتُ زَيْدًا، فَقَدْ تَرَاهُ كَيْفَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ سَايَلْتَهم قَالَ: فَوَزْنُهُ عَلَى هَذَا فَعايَلْتَهم، قَالَ: وَهَذَا مِثَالٌ لَا يُعْرَف لَهُ فِي اللُّغَةِ نَظِيرٌ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: سُؤَالُهم سُؤَالُ تَوْبِيخٍ وَتَقْرِيرٍ لإِيجاب الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لأَن اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَالِمٌ بأَعمالهم. وَقَوْلُهُ: فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ

؛ أَي لَا يُسْأَل ليُعْلم ذَلِكَ مِنْهُ لأَن اللَّهَ قَدْ عَلِمَ أَعمالهم. والسُّول: مَا سأَلْتَه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى

؛ أَي أُعْطِيت أُمْنِيَّتك الَّتِي سَأَلْتها، قُرِئَ بِالْهَمْزِ وَغَيْرِ الْهَمْزِ. وأَسْأَلْته سُولَتَه ومَسْأَلَتَه أَي قَضَيت حَاجَتَهُ؛ والسُّولة: كالسُّول؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي، وأَصل السُّول الْهَمْزُ عِنْدَ الْعَرَبِ، اسْتَثْقَلوا ضَغْطَة الْهَمْزَةِ فِيهِ فَتَكَلَّمُوا بِهِ عَلَى تَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي سَوَلَ، وسَأَلْته الشيءَ وسَأَلْته عَنِ الشَّيْءِ سُؤالًا ومَسْأَلة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سَأَلته الشيءَ بِمَعْنَى اسْتَعْطَيته إِياه، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ

. وسأَلْته عَنِ الشَّيْءِ: اسْتَخْبَرْتُهُ، قَالَ: وَمَنْ لَمْ يَهْمِزْ جَعَلَهُ مِثْلَ خَافَ، يَقُولُ: سِلْته أَسْالُه فَهُوَ مَسُولٌ مِثْلُ خِفْتُه أَخافه فَهُوَ مَخُوف، قَالَ: وأَصله الْوَاوُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ فِي هَذِهِ اللُّغَةِ هُمَا يَتَساولان. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْماً مَنْ سَأَلَ عَنْ أَمر لَمْ يُحَرَّم فحُرِّم عَلَى النَّاسِ مِنْ أَجل مَسْأَلته

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: السُّؤَال فِي كِتَابِ اللَّهِ وَالْحَدِيثِ نَوْعَانِ: أَحدهما مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّبْيِينِ وَالتَّعَلُّمِ مِمَّا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إِليه فَهُوَ مُبَاحٌ أَو مَنْدُوبٌ أَو مأْمور بِهِ، وَالْآخَرُ مَا كَانَ عَلَى طَرِيقِ التَّكَلُّفِ والتعنُّت فَهُوَ مَكْرُوهٌ ومَنْهِيٌّ عَنْهُ، فَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَوَقَعَ السُّكُوتُ عَنْ جَوَابِهِ فإِنما هُوَ رَدْعٌ وزَجْرٌ للسَّائِل، وإِن وَقَعَ الْجَوَابُ عَنْهُ فَهُوَ عُقُوبَةٌ وَتَغْلِيظٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

كَرِه المَسَائِلَ وعابَها

؛ أَراد الْمَسَائِلَ الدَّقِيقَةَ الَّتِي لَا يُحتاج إِليها. وَفِي حَدِيثِ المُلاعَنة:

لَمَّا سَأَلَه عَاصِمٌ عَنْ أَمر مَنْ يَجِدُ مَعَ أَهله رَجُلًا فأَظْهَر النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْكَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ إِيثاراً لِسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَكَرَاهَةً لهَتْك الحُرْمة.

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه نَهَى عَنْ كَثْرَةِ السُّؤال

؛ قِيلَ: هُوَ مِنْ هَذَا، وَقِيلَ: هُوَ سُؤال النَّاسِ أَموالهم مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ. ورجُلٌ سُؤَلَةٌ: كَثِيرُ السُّؤال. وَالْفَقِيرُ يُسَمَّى سَائِلًا، وجَمْعُ السَّائِل «١» الْفَقِيرِ سُؤَّال. وَفِي الْحَدِيثِ:

للسَّائِل حَقٌّ وإِن جَاءَ عَلَى فَرَس

؛ السَّائِل: الطَّالِبُ، مَعْنَاهُ الأَمر بحُسْن الظَّنِّ بِالسَّائِلِ إِذا تَعَرَّض لك، وأَن لا تُجِيبَهُ «٢» بِالتَّكْذِيبِ والردِّ مَعَ إِمكان الصِّدْقِ أَي لَا تُخَيِّب السائلَ وإِن رابَك مَنْظَرُه وَجَاءَ رَاكِبًا عَلَى فَرَسٍ، فإِنه قَدْ يَكُونُ لَهُ فَرَسٌ وَوَرَاءَهُ عَائِلَةٌ أَو دَيْن يَجُوزُ مَعَهُ أَخذ الصَّدَقة، أَو يَكُونُ مِنَ الغُزاة أَو مِنَ الْغَارِمِينَ وَلَهُ فِي الصَّدَقَةِ سَهْم.

سبل: السَّبِيلُ: الطريقُ وَمَا وَضَحَ مِنْهُ، يُذَكَّر وَيُؤَنَّثُ. وسَبِيلُ اللَّهِ: طَرِيقُ الهُدى الَّذِي دَعَا إِليه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:


(١). قَوْلُهُ [وجمع السَّائِل إلخ] عبارة شرح القاموس: وجمع السَّائِل سَأَلَة ككاتب وكتبة وسُؤَال كرمّان
(٢). قوله [وأن لا تجيبه] هكذا في الأَصل، وفي النهاية: وأن لا تجبهه

<<  <  ج: ص:  >  >>