بَابُ الْقَضَاءِ فِي كِرَاءِ الدَّابَّةِ وَالتَّعَدِّي بِهَا
قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: " الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَسْتَكْرِي الدَّابَّةَ إِلَى الْمَكَانِ الْمُسَمَّى. ثُمَّ يَتَعَدَّى ذَلِكَ الْمَكَانَ وَيَتَقَدَّمُ: إِنَّ رَبَّ الدَّابَّةِ يُخَيَّرُ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ كِرَاءَ دَابَّتِهِ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي تُعُدِّيَ بِهَا إِلَيْهِ، أُعْطِيَ ذَلِكَ. وَيَقْبِضُ دَابَّتَهُ. وَلَهُ الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ. وَإِنْ أَحَبَّ رَبُّ الدَّابَّةِ، فَلَهُ قِيمَةُ دَابَّتِهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي تَعَدَّى مِنْهُ الْمُسْتَكْرِي، وَلَهُ الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ. إِنْ كَانَ اسْتَكْرَى الدَّابَّةَ الْبَدْأَةَ. فَإِنْ كَانَ اسْتَكْرَاهَا ذَاهِبًا وَرَاجِعًا، ثُمَّ تَعَدَّى حِينَ بَلَغَ الْبَلَدَ الَّذِي اسْتَكْرَى إِلَيْهِ، فَإِنَّمَا لِرَبِّ الدَّابَّةِ نِصْفُ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْكِرَاءَ نِصْفُهُ فِي الْبَدْأَةِ، وَنِصْفُهُ فِي الرَّجْعَةِ. فَتَعَدَّى الْمُتَعَدِّي بِالدَّابَّةِ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ ⦗٧٣٤⦘ إِلَّا نِصْفُ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ. وَلَوْ أَنَّ الدَّابَّةَ هَلَكَتْ حِينَ بَلَغَ بِهَا الْبَلَدَ الَّذِي اسْتَكْرَى إِلَيْهِ. لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُسْتَكْرِي ضَمَانٌ. وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُكْرِي، إِلَّا نِصْفُ الْكِرَاءِ ". قَالَ: «وَعَلَى ذَلِكَ أَمْرُ أَهْلِ التَّعَدِّي وَالْخِلَافِ، لِمَا أَخَذُوا الدَّابَّةَ عَلَيْهِ» قَالَ: " وَكَذَلِكَ أَيْضًا مَنْ أَخَذَ مَالًا قِرَاضًا مِنْ صَاحِبِهِ، فَقَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ: لَا تَشْتَرِ بِهِ حَيَوَانًا وَلَا سِلَعًا كَذَا وَكَذَا لِسِلَعٍ يُسَمِّيهَا، وَيَنْهَاهُ عَنْهَا، وَيَكْرَهُ أَنْ يَضَعَ مَالَهُ فِيهَا، فَيَشْتَرِي الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَضْمَنَ الْمَالَ، وَيَذْهَبَ بِرِبْحِ صَاحِبِهِ، فَإِذَا صَنَعَ ذَلِكَ فَرَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ، إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِي السِّلْعَةِ عَلَى مَا شَرَطَا بَيْنَهُمَا مِنَ الرِّبْحِ، فَعَلَ. وَإِنْ أَحَبَّ، فَلَهُ رَأْسُ مَالِهِ ضَامِنًا عَلَى الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ وَتَعَدَّى " قَالَ: «وَكَذَلِكَ أَيْضًا، الرَّجُلُ يُبْضِعُ مَعَهُ الرَّجُلُ بِضَاعَةً، فَيَأْمُرُهُ صَاحِبُ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ سِلْعَةً بِاسْمِهَا. فَيُخَالِفُ فَيَشْتَرِي بِبِضَاعَتِهِ غَيْرَ مَا أَمَرَهُ بِهِ، وَيَتَعَدَّى ذَلِكَ. فَإِنَّ صَاحِبَ الْبِضَاعَةِ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ. إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ مَا اشْتُرِيَ بِمَالِهِ، أَخَذَهُ. وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ الْمُبْضِعُ مَعَهُ ضَامِنًا لِرَأْسِ مَالِهِ، فَذَلِكَ لَهُ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute