للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كرامة ربه عز وجل وفجعت الأمة فيه وأصيبت بمصاب عظيم لا يعدل ذلك غيرها من المصائب أبدًا، فعلى هذا كان يتعين البكاء والحزن الكثير لما أصيب به، فانظر في هذا الشهر الكريم كيف يلعبون فيه ويرقصون ولا يبكون ولا يحزنون، ولو فعلوا ذلك لكان أقرب إلى الحال، مع أنهم لو فعلوا ذلك والتزموه لكان أيضًا بدعة، ولو قال قائل أنا أعمل المولد للفرح والسرور لولادته - صلى الله عليه وسلم - ثم أعمل يومًا آخر للمأتم والحزن والبكاء عليه. فالجواب أنه قد تقدم أن من عمل طعامًا بنية المولد ليس إلا، وجمع له الإخوان فإن ذلك بدعة فكيف إذا كرر ذلك مرتين مرة للفرح ومرة للحزن فتزيد البدع ويكثر اللوم عليه من جهة الشرع؟، انتهى المقصود من كلامه ملخصا وفيه رد على ما زعمه الرفاعي تقليدًا للسيوطي، حيث أوهم من لا علم عندهم أن كلام ابن الحاج على عمل لمولد حاصله مدح ما كان فيه من إظهار شعار وشكر، والواقع في الحقيقة بخلاف ما زعمه السيوطي ومن قلده فإن ابن الحاج قد صرح في عدة مواضع من كلامه أن عمل المولد من البدع، وصرح أيضًا أنه زيادة في الدين وليس من عمل السلف الماضين.

وقد جاء في أول كلام ابن الحاج في ذم المولد جملة ينبغي التنبيه عليها وهي قوله: «فكان يجب أن يزاد فيه أي في شهر ربيع الأول من العبادات والخير شكرًا للمولى سبحانه وتعالى على ما أولانا من هذه النعم العظيمة، وإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزد فيه على غيره من الشهور شيئا من العبادات وما ذاك إلا لرحمته، - صلى الله عليه وسلم - بأمته ورفقه بهم لأنه عليه الصلاة والسلام كان يترك العمل خشية أن يفرض على أمته رحمة منه بهم، لكن أشار

<<  <   >  >>