يريد الإكثار من العمل في شهر ربيع الأول وأنه ترك ذلك قصدًا للتخفيف على الأمة وإنما هذا من التوهمات التي لم تستند إلى دليل.
وأما قوله فتعظيم هذا الشهر إنما يكون بزيادة الأعمال الزاكيات فيه والصدقات إلى غير ذلك من القربات.
فجوابه أن أقول قد ذكرت قريبًا القاعدة المشهورة: وهي أن العبادات مبناها على الشرع والاتباع لا على الهوى والابتداع، وبناء على هذه القاعدة فإنه لم يقم دليل على ما ذهب إليه ابن لحاج في تعظيم شهر ربيع الأول، وما ليس عليه دليل فليس عليه تعويل، وقد كرر القول في ذم المولد وصرح في عدة مواضع من كلامه بأنه بدعة ومع هذا فقد قابل بدعة المولد ببدعة أخرى وهي الترغيب في تعظيم شهر ربيع الأول بزيادة الأعمال الزاكيات فيه والصدقات وغير ذلك من القربات، وهذه البدع كلها مردودة بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» وفي رواية «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» وبقوله أيضًا: «من رغب عن سنتي فليس مني» وبقوله أيضًا: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به» وقد تقدمت هذه الأحاديث وأشرت إلى مواضعها قريبًا.
وممن ألف في إنكار بدعة المولد وذمها تاج الدين عمر بن علي اللخمي السكندري المشهور بالفاكهاني من متأخري المالكية وقد سمي كتابه «المورد في الكلام على عمل المولد» وقال فيه بعد لخطبة ما بعد فإنه تكرر سؤال جماعة من المباركين عن الاجتماع الذي يعمله بعض الناس في شهر ربيع الأول ويسمونه المولد هل له أصل في