قراءة {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} ما نصه ونظير ذلك فعل كثير عند مولده - صلى الله عليه وسلم -، ووضع أمه له من القيام، وهو أيضًا بدعة لم يرد فيه شيء، على أن العوام إنما يفعلون ذلك تعظيما له - صلى الله عليه وسلم - فالعوام معذورون لذلك بخلاف الخواص انتهى من الفتاوى الحديثية (٦٠).
وإنما يصح قول الحافظ ابن حجر في كون حفلة المولد بدعة حسنة بشرط خلوها من المساوئ والمعاصي المعتادة فيها إذا كان القائمون بها لا يعدونها من القرب الثابتة في الشرع بحيث يكفر تاركها أو يأثم أو يعد مرتكبًا للكراهة الشرعية، فإن البدعة التي تعتريها الأحكام الخمسة ويقال إن منها حسنة وسيئة هي البدع في العادات، وأما البدع في الدين فلا تكون إلا سيئة كما صرح به المحققون وذكر ذلك الفقيه ابن حجر الهيتمي المكي في موضعين من الفتاوى الحديثية، انتهى المقصود من كلامه.
وقد سئل رشيد رضا عن معنى البدعة والمحدثة في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار».
فأجاب بقوله: كل ما أحدثه الناس في أمر الدين ولم يأخذوه من كتاب الله أو سنة رسوله المبينة لكتابه فهو بدعة سيئة وضلالة يستحق متبعها العقوبة في النار، فقد أتم الله الدين وأكمله فمن زاد فيه كمن نقص منه كلاهما جان عليه وغير راض بما شرعه الله، وأعني بالدين هنا مسائل العقائد والعبادات والحلال والحرام دون الأحكام الدنيوية التي فوض الشرع أمرها إلى أولي الأمر ليقيسوها على الأصول العامة التي وضعها لها، ذلك أن الجزئيات لا تنحصر فيحددها الشرع، بل تختلف باختلاف العرف والزمان والمكان فمن ابتدع طريقة لتسهيل