للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عاقل يعلم أن ذلك حمق وسوء أدب مع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن اعترفوا للصحابة رضي الله عنهم بفضل المحبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - والتعظيم له، قيل لهم ينبغي أن يسعكم ما وسعهم من ترك الاحتفال بالمولد واتخاذه عيدًا؛ لأن ذلك من الشرع الذي لم يأذن به الله ولم يكن من هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا من عمل أصحابه، رضي الله عنهم ومن لم يتسع له في المولد وغيره ما اتسع للصحابة، رضي الله عنهم فلا وسع الله عليه في الدنيا ولا في الآخرة.

وقد رأيت لرشيد رضا كلامًا حسنًا يرد به على الذين يعظمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأمور المحدثة فأحببت أن أذكره ههنا لما فيه من الرد على الذين يزعمون أن الاحتفال بالمولد النبوي فيه تعظيم للنبي - صلى الله عليه وسلم - قال في كتابه «ذكرى المولد النبوي» إن من طباع البشر أن يبالغوا في مظاهر تعظيم أئمة الدين والدنيا في طور ضعفهم (١) في أمر الدين أو الدنيا لأن هذا التعظيم لا مشقة فيه على النفس فيجعلونه بدلا مما يجب عليهم من الأعمال الشاقة التي يقوم بها أمر لدين والدنيا وإنما التعظيم الحقيقي بطاعة المعظم والنصح له والقيام بالأعمال التي يقوم بها أمره ويعتز دينه إن كان رسولا وملكه إن كان ملكًا، وقد كان السلف الصالح أشد ممن بعدهم تعظيمًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - وناهيك ببذلك أموالهم وأنفسهم في هذا لسبيل ولكنهم دون أهل هذه القرون التي ضاع فيها الدين في مظاهر التعظيم للساني، ولا شك أن الرسول الأعظم


(١) أي ضعف البشر.

<<  <   >  >>