للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثالث: أن يُقال إن تعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يكون بفعل البدع التي حذر منها وأخبر أنها شر وضلالة وأنها في النار، وإنما يكون تعظيمه بطاعته واتباع هديه والتمسك بسنته وإحياء ما أميت منها ونشر ما بعثه الله به من الهدى ودين الحق والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان، وهذه هي طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان فمن سلك سبيلهم فهو من المعظمين للنبي - صلى الله عليه وسلم - ومن خالفها وسلك سبيلاً من سبل أهل البدع فهو في الحقيقة معظم للبدع وأهل البدع وليس معظمًا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن زعم أنه معظم له وهل يقول عاقل إن تعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم - يكون بفعل المحدثات التي قد حذر منها غاية التحذير؟ وأمر بردها وأخبر أنها شر وضلالة وأنها في النار، كلا لا يقول ذلك من له أدنى مسكة من عقل.

الوجه الرابع: أن يُقال إن تعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يجتمع مع مخالفة أمره وارتكاب نهيه، فمن عظم النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء من البدع فتعظيمه له أشبه بالسخرية والاستهزاء منه بالتعظيم وقد تقدم قريبًا (١) ما ذكره الشقيري في كتابه المسمى "بالسنن والمبتدعات" عن ذوي العمائم وغيرهم من أشباه الأنعام من أنواع المنكرات والسخافات التي يفعلونها في بدعة المولد، فهل يقول عاقل أن تلك المخازي من التعظيم للنبي - صلى الله عليه وسلم - كلا لا يقول ذلك من له أدنى مسكة من عقل.


(١) ص (١٦٦ـ ١٦٧).

<<  <   >  >>