ذكر ولادة النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء من التعظيم المشروع في حقه - صلى الله عليه وسلم - وإنما فيه ارتكاب نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن القيام له ومضاهاة الأعاجم بالقيام الذي يقصدون به التعظيم وهو الذي تسميه العامة الاحترام، وفيه أيضًا مخالفة هديه - صلى الله عليه وسلم - في كراهة القيام له، وقد ذكرت قريبًا ما رواه أبو أمامة الباهلي وأنس بن مالك، رضي الله عنهما في ذلك فليراجع إلى الحديثين (١) ففيهما أبلغ رد على الذين زين لهم الشيطان أعمالهم السيئة وأوهمهم أن قيامهم المبتدع فيه تعظيم للنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بضد ذلك ولو كان في هذا القيام المبتدع أدنى شيء من التعظيم المشروع في حق النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لكان الصحابة رضي الله عنهم أسبق إليه من غيرهم فإنهم كانوا أشد الأمة تعظيمًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأشدهم بعدًا عما كان يكرهه وينهى عنه من الأقوال والأفعال، وكذلك كان التابعون وتابعوهم بإحسان وهل يظن الذين يحتفلون بالمولد ويقومون عند ذكر ولادة النبي -صلى الله عليه وسلم- أنهم قد بلغوا في تعظيم النبي -صلى الله عليه وسلم- غاية لم يبلغها الصحابة رضي الله عنهم ولا التابعون وتابعوهم بإحسان إنه لا يظن ذلك إنسان له أدنى مسكة من عقل.
الوجه الثاني: أن يقال إنه لا ينبغي تعظيم النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا بما شرعه الله تعالى في حقه من التعظيم ولا يجوز أن يعظم بالبدع ولا بما كان يكرهه وينهى عنه من القيام الذي هو من فعل الأعاجم ولا شك أن تعظيم النبي -صلى الله عليه وسلم-