للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويرزق ويحيى ويميت ويدبر الأمر ويفعل كل ما هو من خصائص الرب تبارك وتعالى، وهذا أعظم من شرك أهل الجاهلية لأن أهل الجاهلية كانوا يفردون الرب تبارك وتعالى بأفعال الربوبية وإنما كانوا يشركون به في توحيد الألوهية.

الثالثة: من البلايا والطامات قوله فكان مقتضى تأسيه بربه وتخلقه بأخلاقه أن يكون - صلى الله عليه وسلم - حاضرًا مع ذاكره في كل مقام يذكر فيه بروحه الشريفة.

والجواب: أن يُقال إن هذه الكلمة من الشرك الأكبر لأن معنى التأسي بالغير هو الاقتداء به حتى يكون مثله ومعنى التخلق بأخلاقه هو أن يتصف بصفاته حتى يكون مثله، قال ابن منظور في لسان العرب الأسوة القدوة ويقال ائتنس به أي اقتد به وكن مثله، وذكر عن الليث أنه قال فلان يأتسي بفلان أي يرضى لنفسه ما رضيه ويقتدي به وكان في مثل حاله، والقوم أسوة في هذا الأمر أي حالهم فيه واحدة والتأسي في الأمور الأسوة وكذلك المواساة، وقال الهروي تأسى به اتبع فعله واقتدى به انتهى.

وإذا علم معنى التأسي في لغة العرب وأنه اتباع فعل الغير والاقتداء به حتى يكون مثله فليعلم أيضًا أن التأسي والاقتداء إنما يكون من المخلوقين بعضهم لبعض قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ}، وقال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} الآية إلى قوله {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ}

وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ

<<  <   >  >>