وراء الميقات، فقال: هذا مخالف لله ولرسوله، أخشى عليه الفتنة في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة. أما سمعت قول الله تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يهل من المواقيت، وحكى ابن العربي عن الزبير بن بكار قال: سمعت مالك بن أنس وأتاه رجل، فقال: يا أبا عبد الله: من أين أحرم؟ قال من ذي الحليفة من حيث أحرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إني أريد أن أحرم من المسجد، فقال: لا تفعل، فقال: إني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر، قال لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة، فقال: وأي فتنة في هذه إنما هي أميال أزيدها، قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إني سمعت الله يقول:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} قال الشاطبي: رحمه الله تعالى، وهذه الفتنة التي ذكرها مالك، رحمه الله، في تفسير الآية هي شأن أهل البدع وقاعدتهم التي يؤسسون عليها بنيانهم، فإنهم يرون ما ذكره الله في كتابه وما سنه نبيه - صلى الله عليه وسلم - دون ما اهتدوا إليه بعقولهم، وفي ذلك قال: ابن مسعود، رضي الله عنه، فيما روى عنه ابن وضاح:«لقد هديتم لما لم يهتد له نبيكم، أو إنكم لتمسكون بذنب ضلالة» إذ مر بقوم كان رجل يجمعهم يقول: رحم الله من قال: كذا وكذا مرة «سبحان الله»، فيقول القوم. ويقول: رحم الله من قال، كذا وكذا مرة "الحمد لله"، فيقول القوم انتهى كلام الشاطبي، وستأتي قصة ابن مسعود، رضي الله عنه، مع الذين ابتدعوا عد التكبير، والتسبيح، والتحميد، والاجتماع لذلك قريبًا إن شاء الله تعالى.
وإذا علم هذا فليعلم أيضًا أن الاحتفال بليلة المولد واتخاذها