قال ابن الأثير في النهاية: ومنه الحديث أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة, أي: من بذل معروفه للناس في الدنيا أتاه الله جزاء معروفه في الآخرة.
وقيل: أراد من بذل جاهه لأصحاب الجرائم التي لا تبلغ الحدود, فيشفع فيهم شفعه الله في أهل التوحيد في الآخرة.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما في معناه قال: يأتي أصحاب المعروف في الدنيا يوم القيامة, فيغفر لهم بمعروفهم, وتبقى حسناتهم جامة, فيعطونها لمن زادت سيئاته على حسناته, فيغفر له ويدخل الجنة, فيجتمع لهم الإحسان إلى الناس في الدنيا والآخرة.
قلت: ما ذكره ابن الأثير في معنى الحديث فيه نظر؛ لأن الحديث قد ذكر فيه أهل المعروف وأهل المنكر معا، وإنما يتجه ما ذكره ابن الأثير لو كان ذكر أهل المعروف مفردًا في الحديث, ولم يذكر معهم أهل المنكر، والظاهر في معناه أن من كان في الدنيا على ما يحبه الله من الإيمان والأعمال الصالحة, ومات على ذلك فهو من أهل المعروف في الآخرة؛ لأنه قد كان من أهل المعروف في الدنيا، وأهل المعروف في الجنة، ومن كان في الدنيا على ما كرهه الله, ونهى عنه, ومات على ذلك فهو من أهل المنكر في الآخرة؛ لأنه قد كان من أهل المنكر في الدنيا, وأهل المنكر في النار إلا من عفا الله عنه ورحمه.