قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى: الصبر على أذى الخلق عند لأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن لم يستعمل لزم أحد أمرين: إما تعطيل الأمر والنهي, وإما حصول فتنة ومفسدة أعظم من مفسدة ترك الأمر والنهي، أو مثلها أو قريب منها, وكلاهما معصية وفساد قال الله تعالى:{وَامُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} فمن أمر ولم يصبر, أو صبر ولم يأمر, أو لم يأمر ولم يصبر حصل من هذه الأقسام الثلاثة مفسدة, وإنما الصلاح في أن يأمر, ويصبر. انتهى.
وقوله:{إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} قال البغوي: من حق الأمور وخيرها.
وقال في موضع آخر: من حقها وحزمها.
قال: وقال عطاء: من حقيقة الإيمان.
وقال مقاتل: من الأمور التي أمر الله بها.
وقال سعيد بن جبير: من حق الأمور التي أمر الله بها.
وقال صديق بن حسن في تفسيره: من عزم الأمور, أي: مما جعله الله عزيمة, وأوجبه على عباده, وحتمه على المكلفين, ولم يرخص في تركه.
قال: وهذا دليل على أن هذه الطاعات كان مأمورًا بها في سائر الأمم. انتهى.
وقال تعالى مخبرًا عن بني إسرائيل:{لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ}.