أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: " وَلَمَّا فَرَغَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنَ الْيَمَامَةِ بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِي اللهُ عَنْهُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى الْبَحْرَيْنِ وَكَانَ الْعَلَاءُ هُوَ الَّذِي بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى الْعَبْدِيِّ فَأَسْلَمَ الْمُنْذِرُ وَأَقَامَ الْعَلَاءُ بِهَا أَمِيرًا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَارْتَدَّتْ رَبِيعَةُ بِالْبَحْرَيْنِ فِيمَنِ ارْتَدَّ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا الْجَارُودَ بْنَ عَمْرٍو فَإِنَّهُ ثَبَتَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ قَوْمِهِ وَاجْتَمَعَتْ رَبِيعَةُ بِالْبَحْرَيْنِ وَارْتَدَّتْ وَقَالُوا: نَرُدُّ الْمُلْكَ فِي آلِ الْمُنْذِرِ فَكَلَّمُوا الْمُنْذِرَ بْنَ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ وَكَانَ يُسَمَّى الْعَرُورُ وَكَانَ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ حِينَ أَسْلَمَ وَأَسْلَمَ النَّاسُ وَعَلَيْهِمُ السَّيْفُ: لَسْتُ بِالْعَرُورِ وَلَكِنِّي الْمَغْرُورُ فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ رَبِيعَةُ بِالْبَحْرَيْنِ سَارَ إِلَيْهِمُ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ وَأَمَدَّهُ بِثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ الْحَنَفِيِّ وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ وَأَسْلَمَ قَوْمُهُ، فَلَمَّا أُمِرَ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ بِثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ سَارَ مَعَهُ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ بَنِي سُحَيْمٍ حَتَّى خَاضَ إِلَى رَبِيعَةَ الْبَحْرِ فَسَارَتْ رَبِيعَةُ إِلَيْهِمْ فَحَصَرُوهُمْ وَهُمْ بِجوَاثَا حِصْنٌ بِالْبَحْرَيْنِ حَتَّى كَادَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَهْلَكُوا مِنَ الْجَهْدِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ حَدَقٍ الْعَامِرِيُّ فِي ذَلِكَ حِينَ أَصَابَهُمْ مَا أَصَابَهُمْ:
[البحر الوافر]
أَلَا أَبْلِغْ أَبَا بَكْرٍ رَسُولًا ... وَفِتْيَانَ الْمَدِينَةِ أَجْمَعِينَا
فَهَلْ لَكَ فِي شَبَابٍ مِنْكَ أَمْسَوْا ... جَمِيعًا فِي جِوَاثَا مُحْضَرِينَا
تَوَكَّلْنَا عَلَى الرَّحْمَنِ إِنَّا ... وَجَدْنَا النَّصْرَ لِلْمُتَوَكِّلِينَا
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ حَدَقٍ: دَعُونِي أَهْبِطُ مِنَ الْحِصْنِ، وَأَنَا آتِيكُمْ بِالْخَبَرِ وَكَانَ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَدَقٍ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي عَجِلٍ فَنَزَلَ مِنَ الْحِصْنِ فَأَخَذُوهُ فَقَالُوا: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَانْتَسَبَ وَجَعَلَ يُنَادِي: يَا أَبْجَرَاهُ، وَكَانَ فِي الْقَوْمِ، فَجَاءَ أَبْجَرُ فَعَرَفَهُ فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ هَلَكَتُ مِنَ الْجُوعِ فَأَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ وَقَالَ: احْمِلْنِي وَخَلِّ سَبِيلِي، فَانْطَلَقَ فَحَمَلَهُ عَلَى بَغْلٍ وَقَالَ: انْطَلَقْ لِشَأْنِكَ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهمِ عَبْدُ اللهِ بْنُ حَدَقٍ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْقَوْمَ سُكَارَى لَا غَنَاءَ عِنْدَهُمْ، فَبَيَّتَهُمُ الْعَلَاءُ فِيمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ فَقَتَلُوهُمْ قَتْلًا شَدِيدًا وَانْهَزَمُوا "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute