إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شُرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه.
أمّا بعد:
فإنَّ الله -عَزَّ وَجَلَّ- قد جعلَ أهل الحديثِ حُرَّاسَ الدِّينِ، وصَرَفَ عنهم كيد المعاندين، لتمسُّكهم بالشرع المتين، واقتفائهم آثارَ الصحابةِ والتَّابعين، فشأنُهم حفظُ الآثار، وقَطْعُ المفاوِز والقِفَار، وركوبُ البراري والبحار في اقتباس ما شَرَعَ الرسولُ المصطفى، لا يُعَرِّجون عنه إلى رأي ولا هوى، قَبِلوا شريعتَه قولًا وفعلاً، وحَرَسوا سنتَه حفظاً ونقلاً، حَتَّى ثَبَّتُوا بذلك أصلَها، وكانوا أحقَّ بها وأهلَها، وكم مِنْ مُلْحد يَرُومُ أن يَخْلِطَ بالشريعة ما ليس منها، واللهُ تعالى يَذُبُّ بأصحاب الحديث عنها، فَهُم الحفاظُ لأركانها، والقوَّامون بأمرها وشَانِها، إذا صُدِفَ عن الدفاع عنها فهم دونَها يُناضلون، {أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[المجادلة: ٢٢](١).
(١) من مقدمة الخطيب البغدادي في كتابه: "شرف أصحاب الحديث" (ص: ١٠).