ثم استدل على ذلك المدعى بأحاديث الشفاعة الثابتة في (الصحيحين) وغيرها وفيها (أن الله يقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط) قال:
فهذا يدل على إخراج قوم لم يكن في قلوبهم خير قط كما يدل له السياق فإن لفظ الحديث هكذا:(أخرجوا من في قلبه مثقال ذرة من خير فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها خيرا فيقول الله: شفعت الملائكة وشفعت النبيون وشفعت المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة ... ) الحديث (١٢٩) قال:
(فهذا السياق يدل على أن هؤلاء لم يكن في قلوبهم مثقال ذرة من خير ومع هذا فأخرجتهم الرحمة)
(١٢٩) وتمامه: (من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط قد عادوا حمما ... ) الحديث وهو من رواية أبي سعيد الخدري. وأخرجه أحمد أيضا (٣ / ٩٤) والحاكم (٤ / ٥٨٣) وصححه ووافقه الذهبي وهو عنده مطول جدا. وفي طريق أخرى: (قال: ثم يتحنن الله برحمته على من فيها فما يترك فيها عبدا في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا أخرجه منها) . أخرجه أحمد أيضا (٣ / ١١ - ١٢) وصححه الحاكم (٤ / ٥٨٤ - ٥٨٦) على شرط مسلم وسكت عنه الذهبي ويشهد للحديث ما جاء في آخر حديث ابن مسعود الطويل في الشفاعة في (المستدرك) (٤ / ٦٠٠) : (ثم قرأ عبد الله {ما سلككم في سقر} وقال بيده فعقده فقالوا: {لم نك من المصلين. ولم نك تطعم المسكين. وكنا نخوض مع الخائضين. وكنا نكذب بيوم الدين} هل ترون في هؤلاء من خير؟ وما يترك فيها أحد فيه خير فإذا أراد الله أن لا يخرج أحدا غير وجوههم وألوانهم ... فعند ذلك قالوا: {ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون. قال اخسئوا فيها ولا تكلمون} فإذا قال ذلك انطبقت عليهم فلم يخرج منهم بشر) . وقال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين) . ورده الذهبي بقوله: (قلت: ما احتجا بأبي الزعراء) . قلت: واسمه عبد الله بن هانئ الكوفي وثقه العجلي كما في (التقريب)