أقول: الحديث ليس من محل النزاع فإنه في إخراج أقوام من النار وهي باقية وقد قرر شيخ الإسلام فيما سلف أنه لا يخرج منها الكفار وهي باقية وإن كان إنما استدل به عليه بعموم الرحمة
ثم يقال: الحديث دل على أن الملائكة أخرجت من علمت في قلبه مثقال ذرة من خير ولا دليل أنهم يعلمون كل من في قلبه مثقال ذرة من خير فإنهم لا يعلمون من أحوال القلوب إلا ما أعلمهم الله كما قال تعالى: {يعلمون ما تفعلون}[الانفطار: ١٢] فهم يعلمون أفعالنا لا ما انطوت عليه قلوبنا ولهذا وردت الأحاديث أنهم يصعدون بالعمل يرونه حسنا ويرد فيقول الله أن فاعله أراد به كذا وكذا أي من الرياء ونحوه فأخرج البزار والطبراني في (الأوسط) والدارقطني والأصبهاني في (الترغيب والترهيب) من حديث أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: (يؤتى يوم القيامة بصحف مختمة فتنتصب بين يدي الله فيقول: ألقوا هذه واقبلوا هذه. فتقول الملائكة وعزتك ما كتبنا إلا ما عمل. فيقول الله أن هذا كان لغير وجهي وأنا لا أقبل اليوم إلا ما ابتغي به وجهي)(١٣٠)
(١٣٠) وقال المنذري في (الترغيب) : (رواه البزار والطبراني بإسنادين) رواه أحدهما رواة الصحيح و (البيهقي) . وكذا قال الهيثمي في (الجمعي) (١٠ / ٣٥٠) إلا أنه قيد الطبراني بالأوسط كما في الكتاب ولم يذكر البيهقي وقد كنت حققت الكلام على هذا الحديث وأودعته في (صحيح الترغيب) أو في (ضعيفه) ولا أطولهما لأبين مرتبته