للأخذ والرد كما هو شأن العلماء المنصفين الذين لا يفرضون رأيهم على الآخرين لا سيما في مثل هذا الفهم الذي أجمع العلماء على خلافه ومما يؤكد ذلك قوله في خاتمة بحثه في (الصواعق) :
( ... فتأمل هذا الوجه حق التأمل وأعطه حقه من النظر واجمع بين ذلك وبين معاني أسمائه وصفاته وما دل عليه كلام الله وكلام رسوله وما قاله الصحابة ومن بعدهم ولا تبادر إلى القول بلا علم ولا إلى الإنكار فإن أسفر لك صبح الصواب وإلا فرد الحكم إلى ما رده الله إليه بقوله {إن ربك فعال لما يريد} وتمسك بقول علي ابن أبي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهـ وقد ذكر دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ووصف حالهما ثم قال: ويفعل الله بعد ذلك ما يشاء)
ولكني ألاحظ في هذا النص أنه يأمر فيه من لم يتبين الصواب أن ينهي إلى قوله تعالى:{إن ربك فعال لما يريد} وقول علي المذكور وذلك ما انتهى هو إليه في خاتمة (الحادي)
فهل يعني ذلك أن ابن القيم نفسه بعد تلك المناقشة الطويلة لم يتبين له الصواب فانتهى إلى ما أمر به من لم يتبين له الصواب أم هو التردد في مثل هذه المسألة الخطيرة التي كان الأولى به أن يقف فيها حيث وقف العلماء ولا يدخل نفسه في مضايق لا قبل للعقل البشري أن يدخلها؟
ويؤسفني والله جدا قوله المتقدم:(والنصوص لا تفهم ذلك) كيف يتجرأ على مثل هذا القول والنصوص قاطعة في ذلك من الكتاب والسنة كما تقدم فلا جرم أجمعت على مدلولها الأمة. فالحق والحق أقول: لقد أصيب ابن القيم في هذه المسألة مع الأسف الشديد بآفة التأويل التي ابتلي بها أهل البدع والأهواء في مقالتهم التي خرجوا بها عن نصوص الكتاب والسنة فرد عليهم ذلك هو وشيخه ابن تيمية أحسن الرد في كتبهما الكثيرة المعروفة فما باله وقع في مثل ما وقعوا من التأويل