الحمد لله وَليّ الحمد ومستحقِّيه، وصلاته على خير خلقِه، محمَّد النبي وآله وصحبه.
وبعد:
فسلامُ الله وبركاته على قلوب استنارت بأنوارِ العِرفان، فصارت كالكوكب الذي يتلألأ بتوفيق المنَّان، عَزَفت عن الدنيا وشهواتها، واشتاقت إِلى قُرْبِ الرحيم الرحمن، لَهَجَت بأذكاره، وحنّت إِليه وإِلى جواره، وتمسّكت بتقواه، واكتحلت بأنواره فصارت لها بعد الإِيقان إِيقان، ومع الإِيمان إِيمان، يتزايد أبدًا إلى سُكنى الجِنان، لو رأيتهم يا أخي لوجدت قومًا أرواحهم إِلى الله عزَّ وجلّ بالشوق طائرة، وأبدانهم بالطَّاعات عامِرة، ونفوسهم على أقضية العزيز صابرة، يصومون إذا أَفطر النَّاس، ويقومون في الدَّياجي إلى تجارات المعاملات خشية الإِفلاس، ويحزنون إذا فَرِحَ النَّاس، ويبكون إذا ضحك أهل البطالة والوسواس، أبصرت قلوبهم من عظمة مولاهم ما يخفى على الأعين الظاهرة، وابتهجت بالنَّور الأعلى سرائرهم؛ فهم على قدم التهيء إلى أرض السَّاهرة.