للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

العلم والدِّين مقدِّمون، وله بالصدق شاهدون؛ ثم يجيء بَعْدَ مُضيِّه لسبيله بدهرٍ وزمان نوابغُ يجادلون فيه من يَشْهَدُ له بما شهد له به مَنْ ذكرنا من خيار السلف وأئمة الخلف: من مُضيِّه على ستره وصلاحه وحاله من العدالة وجواز الشهادة في المسلمين؛ فإن كل ما (١) ذكرنا من حاله عمن ذكرنا عنه لا حقيقة له، ولا صحة خبر أورِدَ عنهم: لا صحة له عن ابن عمر أنه قال لمملوكه: يا نافع لا تكذب عليَّ كما كذب عكرمة على ابن عباس.

وقد بيَّنا من احتمال هذا القول من ابن عمر من الوجوه ما قد مضى ذكرنا بعضها، وهم مع ذلك من استشهادهم على دفع عدالة عكرمة وجرحهم شهادته وتوهينهم روايته بما ذكرنا من الرواية الواجبة عن ابن عمر، عندهم نافع مولى ابن عمر في نقل ما نقل وروى من خبر في الدين حجّة، وفيما شهد به عدل ثقة، مع صِحَّةِ الخبر عن ابن مولاه سالم أنَّه قال -إذ أُخبر عنه أنه يروي عن أبيه عبد الله بن عمر من استجازته إتيان النساء في أدبارهن-: كَذَب العبد! وذلك صريح في التكذيب منه لنافع. فلم

يَرَوا ذلك من قول سالم لنافعٍ جرحًا، ولا عليه في روايته طعنًا، ورأوا أنَّ قولَ ابن عمر لنافع: لا تكذب عليَّ كما كذب عكرمة على ابن عباسٍ له جَرْح، وفي روايته طعن، تسقطُ بها شهادتُه!!

وقال أبو جعفر: ولم نعارض (٢) قائلي ما ذكرنا في عكرمة بما قيل في نافع طعنًا منَّا على نافع، بل أمرُهما عندنا في أنَّ ما نقلا في الدين من


(١) في الأصل: "من".
(٢) في الأصل: يعارض، والصواب ما أثبتُّ.

<<  <   >  >>