فأول من أظهرها جبريل عليه الصلاة والسلام سقيا لإِسماعيل عليه الصلاة والسلام عندما ظمئ وهو صغير، ثم حفر الخليل عليه الصلاة والسلام، ثم أظهرها عبد المطلب جد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وذلك أن الله عزَّ وجل أمر إبراهيم الخليل بالمسير من الشام إلى بلد الله الحرام، فركب البُراق، وحمل إسماعيل أمامه وكان رضيعًا، وقيل: كان ابن سنتين، وهَاجَر خلفه، ومعه جبريل يدلُّه على موضع البيت، فوضعهما إبراهيم عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذٍ أحد، وليس فيها ماء ولا عمارة ولا زراعة، وأمرها أن تتخذ فيها عريشًا.
فلما أراد إبراهيم أن ينصرف راجعًا إلى الشام ورأت هاجر أن ليس بحضرتها أحد من الناس ولا ماء ظاهر، تركت ابنها إسماعيل في مكانه وتبعت إبراهيم، فقالت: يا إبراهيم إلى مَنْ تدعنا؟ فسكت عنها حتى إذا دنا من كَدَاء (١) قال: إلى الله أدعكم. قالت: فالله
(١) بفتح الكاف ممدود موضع بأعلى مكة، وهو الموضع الذي دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة منه. "فتح الباري" ٦/ ٤٠١. =