للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

أن يفوتها قبل أن تأتي بشَنِّها (١)، فاستقت وبادرت إلى ابنها فسقته.

قال ابن عباس: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يرحم الله أمَّ إسماعيل لو تركت زمزم"، أو قال: "لو لم تَغرِف من الماء لكانت عينًا مَعينًا" (٢).

ثم إن الجُرْهُمي عمرو بن الحارث (٣) لما أحدث قومه بحرم الله تعالى الحوادث قيَّض الله لهم من أخرجهم من مكة، فعمد عمرو المذكور إلى نفائس من أموال الكعبة -وكان من جملتها غزالان من ذهب وأسياف سبعة كان ساسان ملك الفرس قد أهداها إلى الكعبة- ووضعها في زمزم وطمَّها وبالغ في طمها


(١) الشَّن: القِربة الصغيرة.
(٢) جزء من حديث ابن عباس عند البخاري، ح (٣٣٦٤).
ومعنى "عينًا معينًا": أي ظاهرًا جاريًا على وجه الأرض.
(٣) أورد الأزرقي في "أخبار مكة" ١/ ٩٢ أن الذي طمَّ بئر زمزم هو: مُضَاض بن عمرو بن الحارث، ثم ذكر في ٢/ ٤١ أن الذي طمَّها هو: عمرو بن الحارث بن مُضاض، وكذا ذكر عمرو بن الحارث بن هشام في "السيرة النبوية" ١/ ١١٤ عن ابن إسحاق، وقد تابعهما من جاء بعدهما من المؤرخين كأمثال ابن كثير في "البداية والنهاية" والصالحي في "سُبل الهدى والرشاد" وغيرهما، فأخذوا بأحد القولين ولم يبينوا وجه الاختلاف في ذلك، سوى ما وقفتُ عليه من كلام المتقي الفاسي في كتابه "شفاء الغرام" حيث قال ١/ ٣٧٦: واختُلف فيمن دفن الحجر الأسود وغزالَيْ الكعبة في زمزم هل هو مُضاض بن عمرو بن الحارث بن مُضاض بن عمرو الجرهمي كما هو مقتضى الخبر الذي رواه الأزرقي عن الكلبي عن أبي صالح؟ أو هو عمرو بن الحارث بن مُضاض الأصغر؟ كما هو مقتضى ما ذكره ابن إسحاق والزبير بن بكَّار عن أبي عبيدة وذكر الأزرقي ما يوافقه، اهـ.