ـ فيما كتبه: قال: حدثنا أبو بجر الأسدي قال: ثنا أبو العباس العذري قال: حدثنا أبو العباس العذري قال: نا أبو أحمد بن عدي قال: وسمعت عبد القدوس ابن همام يقول: وسمعت عدة مشايخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري ـ رحمه الله ـ قدم بغداد فسمع به أصحاب الحديث فاجتمعوا، وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر، وإسناد هذه المتن لمتن آخر، ودفعوا إلى عشرة أنفس، لكل رجل منهم عشرة أحاديث، وأمروهم إذا حضروا المجلس أن يلقوا بها على البخاري، فأخذوا الموعد للمجلس، فحضر المجلس جماعة من أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان، وغيرهم، من البغداديين فلما اطمأن المجلس بأهله انتدب إليه رجل من المجلس من العشرة، فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة، فقال البخاري لا أعرفه، فسأله عن آخر فقال: لا أعرفه، ثم سأله عن آخر فقال: لا أعرفه، فما زال يلقي عليه واحدًا بعد واحد حتى فرغ من عشرته، والبخاري يقول: لا أعرفه، فكان العلماء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: الرجل فهم، ومن كان منهم غير ذلك فهو يقضي على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الفهم، ثم انتدب رجل آخر من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة، فقال البخاري: لا أعرفه، وسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه، فسأل عن آخر فقال: لا أعرفه، فلم يزل يلقي عليه واحدًا بعد واحد حتى فرغ من عشرته، والبخاري يقول: لا أعرفه، ثم انتدب الثالث والرابع إلى تمام العشرة، حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة والبخاري لا يزيدهم على أن يقول: لا أعرفه (..). فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال: أما حديث الأول فهو كذا، وحديثك الثاني فهو كذا، والثالث والرابع على الولاء حتى أتى على تمام العشرة، فرد كل متن إلى إسناده، وكل إسناد إلى متنه، ثم فعل بالآخرين مثل ذلك، ورد متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها، وأسانيدها إلى متونها، فأقر له الناس بالحفظ والعلم، وأذعنوا له بالفضل.
قال: وكذا ابن صاعد ـ رحمه الله ـ إذا ذكر محمد بن إسماعيل البخاري ـ رحمه الله ـ يقول: الكبش النطاح.