للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما يحتاج إليه الفقيه الكامل المتصدي للفتيا, ولا يستغني عنه ما دام في الدنيا؛ لتضمنه أحاديث الأحكام، وما لا بد للمفتي منه مدى الأيام.

فتعذّر علي؛ لبعد الكتب عني والفوائد التي سمعتها بالعلو في الصغر، وجمعتها في السفر والحضر، ولو كانت حاضرة لكان إخراج ما ذكرته منها (١) [أسهل] (٢) علي من كل سهل، وأهون من كل هين، لكن العذر واضح على ما بينته، والحمد لله على كل حكم منه وأمرٍ وقضاء قضاه، حلو أو مُرّ.

فلم أر بعد ذلك كتاباً أولى بالإِملاء من موطأ [أبي عبد الله] (٣) مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، إمام دار الهجرة؛ لاشتهاره


(١) كان الحافظ السِّلفي مغرماً بجمع الكتب والاستكثار منها، وما كان يصل إليه من المال يخرجه في شرائها، ولذلك تجمعت عنده خزائن كتب لم يتفرغ للنظر فيها، وكلامه هنا يشير به إلى تلك الكتب والفوائد التي حصّلها في أسفاره ورحلاته، وغابت عنه أثناء عزمه على عقد مجالس الإِملاء، وتجدر الِإشارة هنا إلى أن الحافظ السِّلفي جمع أثناء رحلته الطويلة في المشرق الإِسلامي مجموعتين كبيرتين من الكتب والمسموعات، ترك إحداهما وديعة في مدينة سلماس -من المدن الشهيرة بأذربيجان- عند حفيد ابن أبي الخير؛ لعدم قدرته على حملها معه عند توجهه إلى ديار بكر، وهي تشمل كل سماعاته وانتخاباته في أذربيجان وأرمينية وشروان وباب الأبواب.
وأما المجموعة الثانية فهي التي كان قد أودعها في مدينة آمد عندما توجّه إلى الشام، وهي تضم كل ما تجمّع لديه من أصول السماعات والمنتخبات في ديار بكر. وكان السلفي كثير الحنين إلى كتبه، حيث ألمح في كتابه معجم السفر عدة مرات إلى ما ذكرته هنا، ودعا الله عزّ وجلّ أن يجمع شمله بكتبه، وأن يهيئ له أسباب إحضارها إليه وهو في الإسكندرية. (انظر: معجم السفر، ص ١٤٦، ٢٣٢، ٣٦٢، ٣٧٥، والحافظ السِّلفي لحسن عبد الحميد، ص ١٢٣، ١٢٤).
(٢) في الأصل: سهل، والمثبت من م.
(٣) ساقط من م.

<<  <   >  >>