وساعدتك الحروف على ما ترسمها به، وارتج عليك فيه حرف واحد فيضطرك ذلك الحرف إلى نقض ما دبرته واستثناف تدبير ثان فيكون سبب إصابتك ذلك الحرف النافر عن سائر حروفك المدبرة فلا يعذر من صعوبة ما يرد عليك من المعمى فان الفكر يهجم على حقيقته إن آثرت الصبر عليه، والذي يوجب إخراج المعمى من الشعر حتى لا يعذر واحد من رواة الشعر وحملة الآداب وذوي الفطنة والذكاء في جهله وجحود معرفته خلال ثلاث: منها أن تأليف حروف الكلام العربي متناه معلوم مرسوم وقد وقف على مهمله ومستعمله، ومنها أن ازدواج الكلام محدود، متى أزيل عن الحدود التي رسم بها انتقض معناه أعني بذلك وضع الكلمات مواضعها من الأسماء والصفات والأفعال والحروف والظروف والصلات، ومنها أن تأليف الشعر محدود محصور لا تمكن الزيادة فيه ولا النقص منه، ولا تحريك ساكنه ولا تسكين متحركة، فإن الوزن يأباه إلا ما كان مطلقا من ذلك جائزا في الزحاف، وكل ما صحت أصوله وثبتت حقيقته فان العقل يجتذبه ويلصق به، حتى يخرجه إلى العيان، وبعدي مستوره، وما هي أساسه تحير العقل فيه، وأنكره واستوحش منه.
وتثبت أسماء طير بعدد حروف الكلام ونمثل مثالا للمعمى ليحتذى عليه إن شاء الله تعالي: طاووس، تدرج، باز، شاهين، باشق، بؤبؤ، عقاب، صقر، نسر، رخمة، غراب، دراج، طيهوج، قبج، ورشان، حمام، بط، صرد، حجل، قنبرة، كركي،