أوله مع وسطه وآخره وتمحص فكرك أو تدبيرك فيه من أوله إلى آخره، ولا تقصد بعض حروفه بالتدبير دون بعض فانك إن فعلت ذلك طال عناؤك وانتقض عليك تدبيرك فإذا فطنت لحرف من الحروف التي تقف على معيار كلمتها ولا تدري بناء حقيقتها فأدره على حروف التهجي من:
أب ت ث ج ح خ .... حتى يمر بك الوزن الموافق لمرادك فترسم تلك الكلمة به فليس يخرج شيء من الكلام العربي عن تأليف الحروف معانيها فتعلم أن قولك الذي يقتضي صلة، وأن الحروف التي تجيء بعدها الأفعال لا تجعل في مواضعها الأسماء، والحروف التي تقتضي الأسماء لا يتبعها بالأفعال، وإذا اقتضاك الكلام الظروف من الأزمنة أو الأمكنة، واقتضتك الظروف ما يتبعها من الأسماء المضافة إليها أتبعت كل واحد من ذلك ما يقتضيه ويوجبه حكم التأليف ورسم الكلام، ولم تشغل فكرك بتدبير كلمة على وزن اسم وهي فعل، أو وزن فعل وهي اسم، أو حرف مبنى وهو اسم، أو اسم وهو حرف مبني.
ومما يعسر إخراجه تعمية بيت مضطرب المعنى واللفظ مخالف لكلام السهل المعنى المستعمل المفهوم، فإذا كان البيت قلقا غير متمكن ولا منبسط اللفظ ولا مفهوم المعنى تضاعف العناء في استخراجه. وأقوى الأسباب في استخراج المعمى ما يضطر إليه الوزن من ترتيب الحروف مراتبها التي ترسم بها فإذا دبرت بيتا ولم يصب قالب وزنه على ما تصرفه عليك في تدبيراتك فشدد بعض ما ترسمه من تلك الحروف أو مدها أو قصر الممدود منها فإذا حصلت وزن البيت وجنسه هان عليك التماس حروفه واستنباطها إن شاء الله.
وربما دبرت البيت الممي وأتقنت قالب وزنه وتقاطع كلماته وهيئته التامة